في وقت سابق من هذه السنة، قفز ناصر النيادي الإماراتي عن برج خليفة، أطول برج في العالم افتُتح حديثاً في دبي، لقد هبط مسافة 672 متراً في أقل من دقيقة، وما لبث أن فتح المظلة بعد عشر ثوانٍ من القفزة.
بعد القفزة الصاروخية التي حققتها دبي، واحدة من الإمارات العربية المتحدة السبع، عام 2008، انهارت بالسرعة والقوة نفسها تقريباً. لطالما اعتمدت على جارتها الثرية أبوظبي التي تملك ما يفوق 90% من احتياطي النفط الإماراتي لضمان هبوطها بشكل آمن، لكن خلال بضعة أسابيع عصيبة في نهاية السنة الماضية، رفضت "مظلّة" دبي أن تفتح، أو ربما ارتبكت الإمارة عندما وصلت إلى مرحلة "فتح المظلّة".في 25 نوفمبر، هددت دبي بالتقصير عن تسديد صكوك بقيمة 4.05 مليارات دولار أصدرتها شركة "نخيل" للتطوير العقاري التابعة لمجموعة "دبي العالمية"، أحد التجمعات الثلاثة التي تملكها الحكومة والتي تحدد مسار التنمية في دبي. أدى ذلك الإعلان إلى انهيار سريع وقوي واجهته إمارة دبي وأسواق الائتمان العالمية. مع اقتراب ارتطامها بالأرض، دفعت أبو ظبي أموالاً إضافية وسرعان ما سُدّدت الصكوك في موعد استحقاقها، لكن كان لابد من إعادة هيكلة ديون "دبي العالمية" المتبقية. لم يكن واضحاً الطرف الذي سيحصل على المال ولا قيمة المبلغ ولا موعد الدفع.في 25 مارس، قدمت دبي بعض الأجوبة عن تلك الأسئلة، فأعلنت أنها لن تتلقى أي مبالغ إضافية من جارتها أو من أي مكان آخر، لكنها استفاضت هذه المرة في الحديث عن الطريقة التي ستوزع فيها الأموال التي ستوفرها خطة الإنقاذ بين الشركات والدائنين والعملاء والموردين.يمكن أن يشرف صندوق دبي للدعم المالي على هذه العملية كونه مسؤولاً عن مراقبة الوضع المالي، ولا شك أنه يأخذ بعض التعليمات من أبوظبي. يفصل الصندوق بين الأشخاص الذين يحكمون دبي والمشاريع التجارية التي ترعاها. لقد سُمّي الصندوق "لجنة القيمة مقابل المال".ستحصل شركة "نخيل" بذلك على 8 مليارات دولار بالإضافة إلى تحويل قرض سابق بقيمة 1.2 مليار دولار إلى أسهم. وستحوّل ديناً آخر بقيمة 8.9 مليارات دولار في مجموعة "دبي العالمية" القابضة إلى أسهم، بالإضافة إلى توفير 1.5 مليار دولار على شكل أموال جديدة. من الصناديق الجديدة، سينتج 5.7 مليارات دولار من القروض التي قدمتها أبوظبي سابقاً. ستُؤمَّن بقية المبالغ من موارد حكومة دبي الخاصة.ماذا ستفعل الشركات بهذه الأموال؟ تقول مجموعة "دبي العالمية" إن ديونها الضخمة إلى الدائنين الخارجيين بلغت 14.2 مليار دولار في نهاية عام 2009، من دون احتساب المال الذي تدين به لصندوق الدعم أو المال الذي تدين به شركة "نخيل" لها. ستعيد "دبي العالمية"، بحسب قولها، دفع مبلغ الدين الأصلي مع تحديد موعد جديد لاستحقاق الديون خلال خمس أو ثماني سنوات، لكنها لم تذكر شيئاً عن الفائدة.لاتزال شركة "نخيل" نفسها مدينة بحوالي 9.3 مليارات دولار، بما في ذلك القروض، وسندات الدين، والدفعات المستحقة للموردين. سيحصل حاملو أدوات الدين العام، كالصكوك التي تستحق الدفع هذا العام وفي العام المقبل، على أموالهم في موعد الاستحقاق، لكن الأمر أكثر تعقيداً بالنسبة إلى الآخرين. ستحصل البنوك الدائنة لشركة "نخيل"، بما في ذلك المقرضون الثنائيون والمشتركون، على أموالهم كاملة لكن ليس في موعد الاستحقاق. كذلك، سيحصل المتعاقدون والموردون الفرديون في الشركة- وهم عانوا بصمت، لكن بعمق، من هذه الأزمة- على مبلغ نقدي يصل إلى 500 ألف درهم (136 ألف دولار) تقريباً. وفقاً للشركة، سيساعد ذلك شركة "نخيل" على فتح صفحة جديدة مع نصف المتعاقدين معها. أما النصف الآخر، فسيحصل على تسوية تقضي بدفع مبلغ نقدي وسندات دين قابلة للتداول.تستهدف الصفقة عملاء شركة "نخيل" أيضاً، فقدم بعضهم المال مقابل ملكيات، وقدمه البعض الآخر ليتم استثماره في جزر اصطناعية على ساحل دبي، لكن لاتزال قدرة هذه المشاريع على الاستمرار غير واضحة. ستعمد الشركة إلى تسديد المبالغ المتوجبة عليها إلى العملاء خلال فترة من الوقت (من دون فائدة) أو تقديم ملكية بديلة توشك على الاكتمال.ستحاول دبي الآن بيع الصفقة إلى دائنيها الذين سيقبلون بها على الأرجح. في الواقع، كان عدد كبير من الدائنين ضمن لجنة التنسيق التي ساهمت في التفاوض لإقرار هذه الصفقة، وتتماشى عملية إعادة الهيكلة مع ما كان يتوقعه المصرفيون في أكتوبر (تشرين الأول)، قبل وقوع الاضطرابات والخضّات والانهيارات في نهاية العام الماضي. يُفترَض أن يصل هذا الانهيار إلى نهايته الآن، لكنّ الطريق سيكون طويلا قبل بلوغ القمة مجدداً.
مقالات
ديون دبي... البحث عن طوق نجاة
05-04-2010