مهما يتملكك الشعور بالإحباط واليأس من سير الأمور بالمقلوب، يذهلك بعض الأشخاص بالطاقة الإيجابية الهائلة التي يمتلكونها وتدفعهم إلى مزيد من العطاء، فتجدهم ماضين في محاولات الإصلاح ويصرخون في وجه الخطأ على الرغم من أن صراخهم يذهب هباءً، عندها لا تملك سوى أن تشفق عليهم على الأقل، أو على الأكثر تحاول أن تستلهم من طاقتهم ما يخرجك من يأسك، وأحد هؤلاء المناضلين هو شيخ الصحافة الرياضية الأستاذ جاسم أشكناني، الذي يبدو أن لديه بئر حبر غير ناضبة خلف مبنى «القبس» يستمد منها وقوده رغم محاولات دفنه.
لم ألتقِ بالزميل أشكناني من قبل، ولا تربطني به أي صلة غير قراءتي لما يكتب، ولكن كثيراً ما أجد نفسي عاجزاً عن قول أو فعل أي شيء ذي قيمة يضيف لإصراره اللامتناهي على قرع الأجراس حول ما يحدث للرياضة الكويتية من تلاعب وتزوير واستغلال لخدمة مصالح شخصية لمختطفيها ممن لا علاقة لهم بالرياضة وإدارتها. أعترف بعجزي لأنني وبكل أسف فقدت شهية متابعة الرياضة المحلية منذ سنوات بعد أن كنت متابعاً لصيقاً لها، ولذلك لم تعد لدي معرفة بتفاصيل قضاياها وتسلسل أحداثها الزمني واقتصرت متابعتي الآن على العناوين الرئيسة.ولابتعادي عن متابعة الرياضة المحلية قصة، فقد ولدت «قدساوياً» لأبٍ كان حارس مرمى فريق الناشئين في نادي القادسية، ونشأت متابعاً لمباريات النادي، مدافعاً شرساً عنه في النقاشات والتحليلات، وشاءت الأقدار أن أكون أحد تلاميذ الكابتن محمد إبراهيم في مدرسة اليرموك المتوسطة، وأذكر أنني من شدة فرحي بانضمامه إلى مدرستنا عملت له «وسيلة» بها صوره في القادسية والمنتخب. وقد كنت ككثير من المراهقين غيري آنذاك هائماً بالشيخ طلال الفهد رئيس النادي، أنبهر بتحركاته وتصريحاته وقراراته وأقتدي به، واستمر إعجابي به إلى أن تلاشى عندما بلغت سن الرشد ورجاحة العقل.تزامن ذلك أيضاً مع بداية ابتعادي عن متابعة «القادسية» والرياضة المحلية، وهنا تتحول القصة إلى حزينة، إذ أعترف بأنني لم أعد أبتهج لأي إنجاز يحققه نادي القادسية، ومع الوقت انسحب ذلك الشعور إلى المنتخب، فما عدت أذكر آخر مرة حضرت فيها مباراة أو تابعت بطولة باهتمام. وأعترف بأن في ذلك ظلماً وأنانية مني، فليس من العدل والإنصاف أن أحمل اللاعبين ذنوب مَن اختطف الرياضة ووظفها لمصالحه، فهم هواة يجتهدون حباً في اللعبة وإحساساً بالمسؤولية الوطنية، ولكن فليسامحوني، فما يثيره الزميل أشكناني وغيره من المخلصين غيمة سوداء تحجب الرؤية وتجعل التفريق بين المخلص والفاسد مستحيلاً.أخيراً، لماذا أكتب عن الرياضة طالما اعترفت بقصر معرفتي؟ فعلاً، لا أعرف الكثير عن قضاياها الأخيرة، ولا أستطيع مجاراة ما يكتبه الزميل أشكناني بل أضيع في تفاصيله، ولكني أعرف تمام المعرفة أن ثمة قوانين أصدرها مجلس الأمة وصادق عليها سمو الأمير، يرفض تكتل أحمد وطلال الفهد تطبيقها، وهذه خطيئة دستورية وقانونية وأخلاقية عظمى. والآن، بت أعرف أن مَن يزوِّر ويتلاعب في بلدي يكافأ بمنصب رفيع. فليسامحني جاسم أشكناني... أراه وحيداً يستغيث، بينما أعجز عن مد يدي أكثر من هكذا.
مقالات
جاسم أشكناني... هذا حدي
11-06-2009