يتعين ألا يكتفي مقدمو اقتراحي الدائرة الواحدة وإشهار الأحزاب بمجرد تقديمهما، بل عليهم أن يقودوا نقاشاً عاماً حولهما يشارك فيه الجميع، على غرار ما تم أثناء طرح تعديل الدوائر الانتخابية إلى خمس، من أجل الوصول إلى حالة توافق سياسي بشأنهما من أجل تغيير نظامنا الانتخابي الحالي وتجديده.

Ad

لا يمكن الخروج من حال المراوحة السياسية والفوضى التي نعيشها حالياً، إلا بإصلاح جذري لحياتنا السياسية، ولا يمكن أن نقضي على الطابع الفردي الانتهازي الذي بدأ يطغى بشكل مقزز على مجمل مجريات العمل السياسي، ما لم نحدِّث آليات وأساليب العمل الديمقراطي ونغيِّر معطياته.

ولعله من المهم هنا التأكيد على أن المجتمعات البشرية الحية ذات طبيعة ديناميكية متغيرة، فهي تعيش حركة دائمة ولا تعرف الثبات، لهذا فإنه من الضروري أن تواكب النظم السياسية التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تطرأ على المجتمع وتتأقلم معها، وإلّا اعتُبرت نظما سياسية جامدة معيقة لتقدم المجتمع.

ومع كل أسف، فإن عملية تجديد وتطوير نظامنا الديمقراطي لم تلقَ الاهتمام اللازم لا من قبل الحكومة ولا من القوى السياسية على حد سواء، فما يُطرح بين الفينة والأخرى من اقتراحات ومشاريع قوانين بهذا الخصوص لا يتعدى إجراء بعض التغييرات الجزئية البسيطة التي لا تعالج العلة الرئيسية، وهي في أغلب الأحوال اجتهادات فردية متسرعة غير متكاملة سرعان ما يتم نسيانها.

لكن، على العكس من ذلك، فإنه يمكن اعتبار الاقتراح بقانون الذي تقدم به النواب الأفاضل أحمد السعدون ومسلم البراك وخالد الطاحوس والصيفي مبارك الصيفي ود. حسن جوهر، لجعل الكويت دائرة واحدة والعمل بنظام القائمة النسبية، وكذلك الاقتراح بقانون الآخر الذي تقدم به النواب الأفاضل علي الراشد وصالح الملا وعبدالرحمن العنجري، لإشهار الأحزاب السياسية الديمقراطية الدستورية، خطوتين في الطريق الصحيح، إذ أنهما اقتراحان يكمل بعضهما الآخر، ومن الممكن أن يؤدي العمل بهما إلى تجديد وتطوير العمل السياسي وانتشاله من حال الهوان والضعف وطغيان الممارسات الفردية الانتهازية التي أصبحت إحدى سماته في الوقت الحالي.

وحيث إن نظام الدائرة الواحدة والقائمة النسبية من ناحية وتنظيم عملنا السياسي من خلال إشهار الأحزاب السياسية أو الجمعيات السياسية من ناحية أخرى، يمثلان خطوتين مهمتين في استكمال عملية الإصلاح السياسي المستحق، فإنه من المفترض ألا يكتفي مقدمو هذين الاقتراحين بمجرد تقديمهما، بل عليهم أن يقودوا نقاشاً عاماً حولهما يشارك فيه الجميع، على غرار ما تم أثناء طرح تعديل الدوائر الانتخابية إلى خمس، من أجل الوصول إلى حال توافق سياسي على ضرورة تغيير وتجديد نظامنا الانتخابي الحالي الذي لم يتطور، ليواكب التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي مر بها مجتمعنا منذ بدء العهد الدستوري، وأصبح بالتالي إحدى العقبات الرئيسية التي تقف في طريق تطورنا الديمقراطي.

كما أن القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والقوى الشبابية مطالبة هي أيضاً، بتبني هذين الاقتراحين وفتح نقاش عام حولهما، من أجل توفير الدعم الشعبي اللازم لعملية التغيير الديمقراطي المستحق، لأنه من غير المعقول أن نقف عاجزين عن تطوير بلدنا وانتشاله من حال التردي العام الذي بدأ يطال كل شيء تقريبا، بما فيه وحدة مجتمعنا وتماسكه.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء