كشف مصدر مُطَّلع لـ"الجريدة" أمس، أن الرئيس المصري حسني مبارك تراجع أمس الأول عن السفر إلى الرياض للانضمام إلى مُباحثات العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس السوري بشار الأسد، بسبب استيائه من تصريحات نسبتها طهران إلى الأسد، اعتبرها مبارك "تتنافى مع روح المصالحة العربية وتتضمن تعريضاً بالمواقف المصرية"، لكن المصدر ذاته أكد أن الرياض مازالت تأمل في إقناع الرئيس المصري بالحضور.

Ad

وقال المصدر إن بياناً صدر عن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد مساء الثلاثاء الماضي، بشأن مضمون محادثة هاتفية أجراها مع نظيره السوري، كان السبب وراء قرار مبارك في اللحظة الأخيرة إرجاء المُصالحة مع الأسد.

وأوضح المصدر أن طهران أذاعت ما قالت إنه مضمون المحادثة الهاتفية، وحرصت على الإشارة إلى أنها جرت عشية توجه الأسد إلى الرياض، وهو ما تسبب في استياء لدى القاهرة بالنظر إلى أن الرئيس السوري قال لنجاد -حسب التسريبات الإيرانية- إن "المهزومين لا يجدون أمامهم إلا الالتحاق بنهج المقاومة"، مؤكداً أن "العلاقات بين طهران ودمشق استراتيجية وعقائدية، والأعداء لن يتمكنوا أبداً من تغيير ذلك".

من جهته، قال الرئيس الإيراني خلال الاتصال إن "البعض يحاول أن يفرض نهج التسوية على الشعب الفلسطيني"، معتبراً أن "صمود سورية وإيران واستمرار التنسيق بينهما، يغيران المنطقة لمصلحتهما".

ولفت المصدر إلى أن "أحمدي نجاد يرغب في وضع عصاه في عجلة المصالحة العربية التي دارت منذ قمة الكويت الاقتصادية العام الماضي، بناءً على مبادرة من خادم الحرمين الشريفين، وهو ما يفسر السلوك الإيراني بإجراء اتصال هاتفي مع الأسد قُبيل توجهه إلى الرياض، ثم إذاعة كلام منسوب إليه يعتبر أن دمشق في موقع المُنتصر، وأن الآخرين ينضمون إليها لا العكس، وبعد ذلك يشنُّ هو نفسه، أي الرئيس الإيراني، هجوماً على السعودية ويتهمها بالتدخل في الشؤون اليمنية، وكأنه يرغب في إفساد أي تقارب بين القاهرة والرياض من جهة ودمشق من جهة أُخرى".

وأشار إلى أن الدوائر السياسية في القاهرة توقفت أمام تطمينات الأسد إلى نجاد، بأن العلاقات بين بلدَيهما راسخة، ووصفه من يريد التأثير فيها بأنه "من الأعداء"، وهو كلام يعتبره محللون "يناقض جوهر المصالحة العربية التي تقوم ضمناً على عودة سورية إلى حليفَيها السابقين مصر والسعودية، مقابل الابتعاد تدريجياً عن المحور الإيراني في المنطقة".

وكانت الأوساط الدبلوماسية في القاهرة أكدت قبل يومين لوسائل إعلام، عزم مبارك الذهاب إلى الرياض لعقد قمة مصرية-سعودية-سورية، لكن الزيارة لم تتم، وسط تأكيدات أن هذه الخطوة قد أُرجِئت ولم تُلغَ.

وعلمت "الجريدة" أن القيادة السعودية كثَّفت اتصالاتها بالقاهرة أمس، من أجل إنجاح الوساطة التي تقوم بها، كما أقنعت الرئيس السوري بإرجاء مغادرته عائداً إلى بلاده، في انتظار نتائج اتصالاتها مع القيادة المصرية.

على صعيد آخر، قال مصدر قريب من حركة "حماس" في دمشق لـ"الجريدة"، إن الحركة طلبت من دول عربية بينها السعودية، التوسُّط لدى القاهرة لاستقبال وفد من قيادييها لمناقشة المصالحة، بعد رفض مصر استقبال الوفد عدة مرات.