أثار تهديد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي توعد فيه "الدول الكبرى" بأنها "ستندم" إن هي فرضت عقوبات جديدة على بلاده بشأن برنامجها النووي، أسئلة كثيرة، وتوقف مراقبون ومحللون كثيرون عند هذا التهديد وعند طبيعة الرد الذي من الممكن أن تقدم عليه إيران في حال واجهت مجموعة من العقوبات المستجدة التي يبدو أن فرضها متوقف على انضمام الصين، بعد حسم ترددها، إلى الدول المعنية بهذا الأمر، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
من بين هذه الأسئلة التي أثارها تهديد نجاد سؤال رئيسي هو: هل ستبادر إيران يا ترى إلى اللجوء إلى العمل العسكري، سواء مباشرة من خلال جبهة الخليج أو بتحريك حزب الله لفتح جبهة الجنوب اللبناني، أم ان الأمر سيقتصر، إن بقي هذا التصعيد مستمراً، على إغلاق مضيق هرمز، وهذا إن حصل فعلاً فإنه سيؤدي إلى حرب إقليمية ستشارك فيها إسرائيل لا محالة؟!إنها لعبة خطيرة وإن هذا التوتر الشديد الذي تشهده المنطقة سيؤدي حتماً، إن لم يستجد ما سيؤدي إلى تنْفيسه، إلى انفجار هائل وشامل، وعندها الحابل سيختلط بالنابل، وخرائط سياسية ستتغير، وقد تسقط أنظمة وتقوم أنظمة أخرى، فالحرب المتوقعة إن نشبت فإنها ستكون حرباً غير تقليدية ستُستخدم فيها حتماً أسلحة الدمار الشامل وخصوصا الأسلحة النووية، وستكون النتيجة مآسي وويلات سيتواصل أثرها سنوات مقبلة طويلة.إنها لعبة خطيرة بالفعل وإن أي موقف متهور يتخذه محمود أحمدي نجاد أو بنيامين نتنياهو أو حتى الرئيس الأميركي باراك أوباما سيُغرق هذه المنطقة، المبتلاة أصلاً بالويلات والحروب، في الدماء وهذا يجب أن يدفع العقلاء إلى التحرك بسرعة لنـزْع صواعق الانفجار، قبل أن تصبح المعالجة العقلانية ليست صعبة فقط بل مستحيلة وغير مجدية، وهنا فإن التهديدات التي أطلقها زعيم حزب الله الشيخ حسن نصرالله أمس الأول، التي هدد فيها بقصف تل أبيب إن قصفت إسرائيل ضاحية بيروت الجنوبية، تشير إلى أن الوضع في هذه المنطقة في غاية التأزم، وان مجرد إشعال عود ثقاب صغير سيؤدي إلى حرائق هائلة في الشرق الأوسط كله.عندما يقول نجاد خلال مؤتمره الصحافي الأخير: "إذا حاول أحد إثارة المشاكل لإيران فإن ردنا لن يكون كما في الماضي... هذا الرد سيجعل الدول الكبرى تندم في حال فرضت عقوبات على الجمهورية الإسلامية"، وعندما تواصل إسرائيل استعداداتها العسكرية، وكأن الحرب المنتظرة ستشتعل خلال دقائق فقط لا خلال ساعات، وعندما يستشعر الشيخ حسن نصرالله الخطر الإسرائيلي، ويطلق التهديدات المتفجرة التي أطلقها، ثم عندما يقوم الأميركيون بكل هذا التحشيد، ويبادر جنرالاتهم إلى كل هذه الجولات، فإن هذا يعني أن القادم سيكون أعظم، وأن اللجوء إلى لغة الصواريخ قد يبدأ في أي لحظة.إن واقع هذه المنطقة لا يسر، وإن هذا التأزم الهائل سيؤدي إلى حرب جديدة، لا محالة ستكون أكثر بشاعة وأشد دماراً من كل الحروب السابقة، إن لم يقتنع محمود أحمدي نجاد بأن الأفضل له ولإيران هو سلوك الطريق الآخر الذي أشار إليه عندما قال: "إننا مستعدون لتبادل اليورانيوم حتى مع الولايات المتحدة"، لكن يجب أن يكون الرئيس الإيراني صادقاً في ما قاله، فالمناورات وعمليات التسويف للاستفادة من عامل الوقت غدت مكشوفة، والأكثر من هذا انه لابد من الأخذ بعين الاعتبار أن هناك مراكز قوى في الدول الكبرى المعنية تعمل لمصلحة إسرائيل، والمعروف أن هذه الحكومة الإسرائيلية، التي يرأسها بنيامين نتنياهو، ويشكل فيها أفيغدور ليبرمان واسطة العقد، ترى أنه لا يجنبها استحقاقات عملية السلام سوى الحرب، ولذلك فإنها مع أن تتهور طهران أكثر وأكثر حتى تصبح لغة المدافع والصواريخ هي لغة التخاطب الوحيدة في الشرق الأوسط.
أخر كلام
سباق الحرب والتهدئة!
18-02-2010