هل تأتمنون الدولة 
على 30 مليار دينار؟!

نشر في 10-02-2010
آخر تحديث 10-02-2010 | 00:01
 أحمد عيسى أقر البرلمان الأسبوع الماضي الخطة التنموية التي ستشرع الدولة في تنفيذها اعتبارا من أبريل المقبل على أن يتم إنجازها قبل 31/3/2014، وبمبلغ إجمالي يصل إلى 30.8 مليار دينار، منها 15.6 مليار تمثل إنفاق القطاع العام و15.2 مليار دينار لإنفاق القطاع الخاص، وهذه الأرقام النهائية والمعتمدة كما بين نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون الاقتصاد الشيخ أحمد الفهد والمجلس الأعلى للتخطيط.

اليوم ليس أمامنا سوى التفاؤل، لأن أفضل ما نطمح إليه أن يتم إنجاز الخطة، وأن ترى مشاريعها النور، وفي أضعف الأحوال تنفيذ جزء منها، أما أسوأ الاحتمالات فيتمثل في تبخر المبلغ لنبقى على طمام المرحوم.

ووسط هدير الإنجاز وما صاحبه من زخم إعلامي ضاع السؤال الجوهري: هل بالإمكان استئمان الجهاز التنفيذي على هذا الرقم بناء على تجاربنا السابقة معه؟

بالطبع الإجابة ستكون بـ«لا» كبيرة، لأن أي شخص مهما ارتفعت معدلات تفاؤله لا يمكنه إلا أن يصر شفتيه ويشيح بوجهه عن السائل، فالجهاز الحكومي اليوم يقتله الروتين، وتفوح منه روائح التنفيع والمحسوبية، ناهيك عن تعقد وتشابك الإجراءات البيروقراطية التي تنتهجها الجهات المعنية بتطبيق الخطة من لجنة مركزية للمناقصات إلى وزارات المالية والتجارة والشؤون والداخلية والأشغال والصحة والكهرباء والماء، ومن خلفهم الهيئة العامة للرعاية السكنية وبلدية الكويت.

تنفيذ الخطة على الأرض يحتاج إجراءات عديدة، أشك في استعداد الحكومة لها، فالمقاولون بعد أن ترسو عليهم مناقصات المشاريع، يحتاجون من المؤسسات الحكومية إنجاز معاملاتهم خلال فترة زمنية قياسية، ولكي أكون أكثر دقة، إن تنفيذ أي مشروع يحتاج إلى تخطيط وتمويل ليدخل حيز التنفيذ، فهل وزارات الشؤون والداخلية والصحة مثلا على استعداد لإصدار 2000 فيزا لكل مقاول يقوم بتنفيذ مشروع عملاق كالبيوت المنخفضة التكاليف أو مشاريع البنى التحتية كمحطة تحلية المياه أو توليد الكهرباء، هذا إذا سلمنا طبعا بأن المقاول سيستلم مستحقاته بموجب جدول الدفعات المتفق عليها مع الدولة بعد أن يفوز عطاؤه في الوقت المحدد؟

ننتقل إلى نقطة أكثر أهمية وهي الرقابة على تنفيذ المشاريع، فهل لدى الدولة الكادر الفني المؤهل للإشراف على متابعة الإجراءات وإتمام الاشتراطات اللازمة لكل مشروع؟، طبعا «لا» كبيرة هنا أيضا، متى ما أخذنا بالاعتبار الشواهد الماثلة أمامنا لمشاريع أوكلتها الدولة لمقاولين، واستلمتها منهم بمشاكل وعيوب بالتصميم أو التنفيذ، كمحطة مشرف للتدليل على ذلك، وما يدور من لغط حول إستاد جابر ومبنى الإدارة العامة للجمارك.

اليوم أكررها للمرة الثانية، نحن أمام فرصة بلاتينية لتحسين الوضع واللحاق بما فاتنا على جميع الصعد، فالكويت لم تر أي إنجاز منذ ربع قرن، لكننا نحتاج في الوقت نفسه إلى نفض أجهزة الدولة لتغيير طريقة تعاملها مع الخطة التنموية، وأهمها أن يشرف على تنفيذها جهاز يضم جميع الجهات المعنية، وأن تقسم بجدول زمني واضح، وتحدد فيها الصلاحيات والمهام بشكل واضح، وعدا ذلك من الأفضل أن نبقي ما لدينا حتى لا يحصده الفساد، ونضيع ما ذروناه في سنين عجاف على خطة إنشائية سيكون تنفيذها بموجب المعطيات الحالية ضرباً من خيال مكلف جدا.

back to top