أقبح صفة!

نشر في 19-02-2010
آخر تحديث 19-02-2010 | 00:01
 حمد نايف العنزي ما أقبح صفة من الممكن أن يتصف بها إنسان؟ أن يكون بخيلاً، أم ظالماً، أم مغروراً، أم كذاباً، أم جاحداً، أم جاهلاً، أم غبياً؟!

الجواب: ولا صفة من هذه الصفات... وكلها في نفس الوقت!

أعلم أنه جواب غير واضح ويشبه اللغز! حسناً لا تستعجلوا... سأشرح لكم!

هي صفة موجودة في كل من ذكرتهم مسبقاً، موجودة في البخيل والظالم والمغرور والكذاب والجاحد والجاهل والغبي، وصفة ملازمة للإرهابي والدكتاتور واللص والفاسد وكل شرير يمشي على هذه الأرض، صحيح أنها لا تبدو واضحة كبقية الصفات، لكنها تسكن في داخلهم، وفي صميمهم، وهي سبب كل بلاء يصدر عنهم، فهي سبب بخلهم وظلمهم وعنادهم وجحودهم، وهي سبب كل الشرور في نفس حاملها، إنها... الأنانية!

هذه الصفة الذميمة التي لن تجد في من يحملها من الناس خيراً، فالأناني عاشق لنفسه، عابد لذاته، لايرى أحداً في الوجود نداً له يماثله في الفهم والمعرفة والجمال والقيمة، فهو مركز الكون وبقية البشر نكرات لا قيمة لوجودهم أو معنى!

ولو تمعنتم في الأمر جيداً لوجدتم أن البخيل بخيل لأنه أناني لا يحب إلا نفسه، ولذلك، يستخسر في أقرب الناس إليه المال والكلمة الطيبة، والظالم ظالم لأنه أناني، لا يفكر الا في حقوقه متجاهلاً ومنكراً حقوق الآخرين، والمغرور مغرور لأنه أناني، فهو قد أخذ الحقوق الحصرية للوسامة والذكاء و"الفهامية"، فلا نصيب لأحد سواه بها، والإرهابي إرهابي لأنه أناني، يريد الذهاب وبشكل مستعجل إلى الجنة، ولو كان على حساب دماء وأشلاء الآخرين، واللص لص لأنه أناني، فهو حين يسرق لا يفكر لحظة بما سيخسره الآخرون لأنه لا يفكر سوى بما سيربحه من وراء السرقة!

وأكبر ضحية للأناني هي زوجته، التي كتب القدر عليها أن تعيش بجانبه عمرها كله، وهي تعاني غروره وظلمه وبخله وعناده وكذبه وجحوده، وكذلك أولاده الذين سيعاملهم على الأرجح كالعبيد يزرع في نفوسهم كل عقد النقص الموجودة على وجه الأرض!

حسناً... كيف تتعرف على الشخص الأناني ممن يحيطون بك؟!

تستطيع التعرف عليه من مراقبة سلوكياته، وردود أفعاله وألفاظه التي يستخدمها باستمرار! فاذا كان الأخ مستبدا بآرائه ومعتقداته ويعتبرها من الحقائق التي لا تقبل الجدل أو النقاش، ويرفض أي نقد أو اعتراض عليها، ويحاول فرضها على الآخرين دون اكتراث لقناعاتهم واختياراتهم وآرائهم الخاصة، وكان دائم الحديث عن نفسه وعن صفاته النادرة وعبقريته الفريدة من نوعها، ويغضب أشد الغضب حين يوجه إليه أي نقد شخصي أو نصيحة من صديق... فأنت أمام شخص أناني!

وإذا كان الشخص الذي أمامك لا يقدر مشاعر الآخرين في بيته أو عمله، ولا يهتم باحتياجاتهم ومطالبهم، وكل همه نفسه وما تريد، ويصرف كل دخله على كشخته وملذاته ورغباته متجاهلاً الاحتياجات الضرورية لمن يعيشون معه تحت سقف واحد من زوجة وأبناء، وكأنه غير مسؤول عنهم... فأنت أمام شخص أناني!

وإذا كان يعشق ذاته لدرجة العبادة، ويرى أن كل ما لديه هو الأفضل والأجمل دائماً، فإن اشترى ساعة فهي الأحسن، وإن اشترى سيارة فهي الأفخم، وإن بنى بيتاً فهو الأجمل، وإن أتى الحديث عن الأسر فأسرته الأشرف، وعن القبيلة فقبيلته الأعرق، وعن الوطن فهو الأكثر وطنية من الآخرين... فأنت أمام شخص أناني!

وإذا كان لا يكترث بما يجرّه حديثه من مصائب لمجتمعه ووطنه الصغير فيشعل الفتن الطائفية والعنصرية بين أبناء جلدته بهدف الشهرة ومن أجل مصالح سياسية وطموحات شخصية مقيتة... فأنت أمام شخص أناني!

تُرى عزيزي القارئ، بعد كل هذا الشرح المفصل، لو تلفت حولك... فكم أناني سترى؟!

back to top