إنها حرب البحار والمحيطات والمضائق إذن قد انطلقت كما سبق أن حذرنا، عندما شخصنا بأن القوة العظمى الأولى في العالم انحسر نفوذها في اليابسة وبدأت تفكر بنقل المعارك إلى المياه.

Ad

ليست وحدها السفن التجارية ستكون عرضة للقرصنة الاستعمارية المتوحشة، ولن تكون إسرائيل وحدها هي من سيعترض السفن من الآن فصاعدا، بذريعة أو من دونها سيكون كل شيء يتحرك في البحار والمحيطات من الآن فصاعدا عرضة للقراصنة الحقيقيين المدعومين بما يسمى بالمجتمع الدولي الحر والمتمدن.

لاشك أنكم تتذكرون الاتفاق الذي عقد على عجل في آخر ساعات محرقة غزة الصهيونية بين مجرمة الحرب تسيفي ليفني والمولدة الفاشلة كونداليزا رايس، والذي تم التوقيع عليه في واشنطن والقاضي وقتها بضرورة محاصرة كل البحار والمضائق الموصلة إلى غزة من أجل منع ما سمي وقتها بإيصال السلاح إلى المدافعين عن غزة هاشم والقطاع المظلوم.

صحيح أنها ليست السفينة الأولى التي تعترضها أو تختطفها إسرائيل من عرض البحار، لكنها المرة الأولى التي تحاول إسرائيل من خلالها وبدعم أميركي واضح أن تشرعن القرصنة الدولية لنفسها ولأسيادها بحجة مكافحة تهريب الأسلحة.

وأما من جهة إذا ما كانت إسرائيل تكذب وتلفق قصة ما على إيران وسورية ولبنان أم لا، فإن الأمر أخطر من ذلك بكثير، ذلك أن هذا العمل الإرهابي ولمن لم ينتبه بعد، قد جاء بعد أضخم وأخطر مناورات قام بها الكيان الصهيوني في البحر المتوسط مع «سيدة» العالم الأولى أي الولايات المتحدة الأميركية بحجة الدفاع عن أمن هذا الكيان الذي يتعرض للخطر من قبل الدول المشار إليها آنفا كما يتم الترويج.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الاستعراض الاستفزازي لغواصات العدو الصهيوني قبل مدة وجيزة من هذا البحر إلى البحر الأحمر وبالعكس، وبإغماض عين من جانب أكبر دولة عربية وللأسف الشديد، ومن ثم التقارير التي تناقلتها من قبل أيضا بعض وكالات الأنباء حول استعراض إسرائيلي مشابه على بوابات جبل طارق بالاشتراك مع الدولة العظمى أميركا أيضا، فإننا نستطيع الاستنتاج بسهولة بأن هؤلاء القراصنة إنما يحضرون لأجواء السيطرة على مضائق العرب من باب المندب إلى جبل طارق، مرورا ببوابة قناة السويس بالطبع، وذلك من أجل فرض طوق بحري على ما تبقى من الكيان المتجبر بعد أن فشلوا في حمايته من التصدع على اليابسة.

ولمن لم يتنبه بعد، نقول إن ما بعد احتجاز السفينة المزعومة بنقل أسلحة من إيران إلى سورية، هو ليس مثل ما قبل هذا الحادث الإرهابي الذي يشرعن للقرصنة الإسرائيلية، الأمر الذي يتطلب تحركا وإجراء عربيا وإسلاميا ودوليا بمستوى الحدث هدفه ردع إسرائيل حتى لو اضطر الأمر إلى فعل ذلك بالقوة، أي معاملتها بالمثل، وذلك كحد أدنى حتى ترتدع عن تكرار ما حدث ولا تستبيح البحار والمحيطات كما استباحت الأراضي والبلدان من قبل.

وأما حكاية السلاح الذي لم نتأكد من مزاعمهم حوله بعد، فإن لنا كلمة حوله ألا وهي أن من يسلح شرقا وغربا وينشر أسلحة الدمار الشامل في أربع جهات الأرض، ويزرع كيانا إرهابيا فوق أرض الغير بقوة الإرهاب وترويع الأهالي المدنيين ونقض كل المعاهدات الدولية على مدار الساعة وفي وضح النهار وعلى الهواء مباشرة، وهو يحاكم اليوم من قبل الأمم المتحدة على جرائم حرب وإبادة الجنس البشري، هو آخر من يحق له أن يتكلم عن السلاح بيعا أو شراء أو إهداء إن صحت المزاعم حول هذه السفينة أم لم تصح.

في هذه الأثناء ثمة من يعتقد جازما بأن رواية سفينة الأسلحة الإيرانية المزعومة إلى «حزب الله» إنما هي جزء من سيناريو إحكام الطوق الاستخباري والتجسسي والنفسي على لبنان في إطار النشاطات التجسسية التي لم تنقطع على لبنان الدولة والشعب والمقاومة، وبالتالي فإن إطلاق سراح السفينة وطاقمها ومحو آثار أي تحقيق مستقل ممكن أن يبقى موضع شبهة عالية بحقيقة الرواية الملغمة.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أيضا بعض التقارير المنشورة في كل من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا عما سمي بخطة أميركية لضرب إيران في الربيع المقبل، فإن منظومة الحرب الاستخبارية النفسية ستكتمل عندئذ، ورواية السفينة المختطفة من عرض البحار وبعيدا جدا عن المياه الإقليمية الفلسطينية تكاد تصبح الشماعة المطلوبة، أو «قميص عثمان» المخترع لغرض الاستفادة منه في الاتجاه المطلوب وفي اللحظة المناسبة.

أخيرا وليس آخرا فإن موقف الزعيم الوطني اللبناني العماد ميشال عون، وهو قائد جيش لبناني سابق وليس زعيما سياسيا محنكا فحسب قد يكون الرد المناسب على تلك الترهات الإسرائيلية المخالفة لأي منطق دولي أو قانون محلي لأي دولة في ما يخص حق الدول والجماعات في التسلح والدفاع عن نفسها سواء صحت الرواية المزعومة أم لم تصح.

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة