ترقب نوبل
مع إعلان جائزة نوبل ذهاب جائزتها للآداب لهذا العام إلى الشاعرة والروائية الألمانية من أصل روماني «هرتا مولر- Herta Muller»، اتصل بي أحد الأصدقاء، وبادرني بسؤال مُحِب:
«هل لديك أي كتاب لهرتا مولر؟».ودون أي تفكير أجبته بالنفي. مرّت لحظة صمت بيننا، فقال وقد سرّب شيئاً من استغرابٍ لصوته:«ألم تقرأ لها أي شيء؟».ولم أتردد بمصارحته:«لم أقرأ لها أي عمل». وأكملتُ جملتي قائلاً:«لكنني الآن سأبدأ التفتيش عن كتبها».أظن أن النادي السويدي- النرويجي يوم صادق بتاريخ 27 نوفمبر عام 1895، على وصية مخترع الديناميت «الفريد نوبل– Alfred Nobel»، بتخصيص جائزة سنوية للمبدعين في مختلف مجالات العلوم والآداب، ربما لم يكن يدرك وقتها إنه إنما كان يصادق على ميلاد أهم جائزة في العالم، الجائزة التي باتت تشكل اعترافاً عالمياً بمكانة صاحبها، وبما يمنحه حضوراً عالمياً، ويُتيح لإبداعه أن يجد طريقه نحو قراء العالم.لقد عرفت نوبل، خلال تاريخها الطويل، طريقها لكتّاب وأدباء عظام ومشهورين، وكان ذهابها إليهم لا يزيد من شأنهم أو انتشارهم الشيء الكثير، لكنها بالمقابل، عبّدت طرقاً واسعة لكتّاب آخرين، وشكّلت بالنسبة إليهم منعطفاً أخذهم إلى ترجمات لغات عالمية كثيرة ما كانوا يحلمون بالوصول الى قرائها، وربما كانت الكاتبة «هرتا مولر»، حائزة نوبل لهذا العالم، مثالاً دالاً للحاصلين على نوبل من المجموعة الثانية.لأكثر من سبب، غدت نوبل حدثاً واعترافاً عالمياً كبيراً ومؤثراً، لا يمسّ الحاصل عليها بذاته، بل يتعداه لاحتفال دولٍ بأسرها بأبنائها الفائزين، وكأن فوز أديب بالجائزة، يعني فوز أمته، واعترافاً صريحاً بإبداعها وأهميتها على خارطة الآداب العالمية، وإذا ما نظرنا إلى الأمر، بأننا كعرب ليس لنا وجود على كشف الحاصلين على جائزة نوبل للآداب، إلا عبر محطة يتيمة سُجلت باسم الروائي المصري نجيب محفوظ عام 1988، فإنه يحق لنا ترقب نتائجها كل عام، فحصول عربي على الجائزة، يحمل أكثر من وجه، وأكثر من دلالة وطعم ورائحة.لقد باتت شعوب العالم تنظر إلى العربي بأكثر من توجس، وأكثر من خيفة وتهمة، تاركة مسافة فاصلة ومؤلمة تحول بينها وبينه. وأزعم أن الأدب والفن وحدهما قادران على تجسير الهوة بيننا وبين شعوب العالم، وربما هذا ما يبرر ترقب الأدباء والمثقفين العرب، سنوياً لجائزة نوبل.قلت مراراً إنه يصعب علينا كشعوب عربية مجاراة العالم في مسيرة تقدمه في شتى نواحي الحياة، وإننا نستحق ما يُطلق علينا من نعت كوننا شعوبا نامية، لكني قلت أيضا، وبقناعة كاملة، إن بين الكتّاب العرب من يستحق جائزة نوبل، لأنه لا يقل بإبداعه عن أي من الحاصلين عليها. لذا سيبقى المبدع والأديب العربي يقدم الجديد، وسيبقى، في كل عام، يترقب الجائزة، وهل أقل من الترقب والأمل؟