الشيخ عايض القرني في فن الكلام والخطابة نسرٌ يبزّ نسور الشمال ويحرق قلوبها، يسكن الأفلاك ويتفقد حقائب الشموس والكواكب قبل ذهابها إلى مدارسها، لكنه في نظم القصيد ديك بصراوي يعيش على الحبوب التي تنثرها له الأرملة صاحبة العشة.

Ad

شيخنا الزاهد الورع بعدما تعالت الأصوات الناقدة لقصيدته التي غناها محمد عبده بعنوان «لا إله إلا الله»، راح يترنح ويهز عصا الغضب، فهاجم نقّادها، وألبسهم ثياب الجهل، على اعتبار أنه عالم. لكنه للأمانة لم يخرجهم من الملة، كان رؤوفاً معهم. ودارت الأيام وازداد عدد ناقدي القصيدة، و»عاديّتها»، فازداد ترنحه وازداد اهتزاز عصا غضبه، فأعلن فضيلته عن جائزة قدرها مليون ريال لمن ينظم قصيدة مجاراة لقصيدته الديكية، ليغيظ الحُساد ويكيد العذال.

ولو كنت أنا مكانه لجعلت الجائزة عشرة ملايين ريال للفائز الأول، وخمسة ملايين للفائز الثاني، وثلاثة ملايين للثالث، فالشعراء البطّالية المحتاجون كثر، والملايين التي جمعتها من «الدعوة» أكثر، وسأجمع أكثر، فرأس المال بشت وغترة بلا عقال، وتأليف وخيال، فلا إيجار شركات ولا رواتب عُمال، وستتراكم الأموال فوق الأموال، لن يحول دونها أزمة اقتصادية ولا خبال، ورجال الدين اليوم هم رجال الأعمال.

وقد شاهدت في لبنان مجمعات سكنية هائلة، بنتها «الكنيسة المارونية» لبسطاء الناس والمعوزين من أتباع الطائفة المارونية، تُباع لهم بالتقسيط المريح الطويل، وبقيمة التكلفة، فدخلتها وتفرجت عليها ووجدت بناءها لا يختلف عن بناء البيوت العادية في شيء، إلا أن قيمة بيوت الكنيسة أقل بنحو أربع مرات عن البيوت العادية. وهنا أتساءل: أين مشايخنا الأثرياء، سنة وشيعة من هواة جمع التبرعات والظهور على القنوات، من مثل هذه الأفكار؟ أم أن مهامهم انحصرت في مهاجمة نانسي عجرم وصويحباتها؟ ويا سبحان الله، هذه النانسي عجرم المسيحية المارونية التي طالما هاجموها وشتموها كانت من أكثر المتبرعين للمسلمين الشيعة الذين فقدوا بيوتهم بسبب حرب حسن نصرالله الأخيرة مع إسرائيل. وهي كانت ولاتزال ترفض الظهور في الفضائيات والحديث عن هذا الأمر.

* * *

قدرات ربك تتجلى في كل أمر، فها هما النائبان سيد عدنان عبدالصمد وعبد السلام النابلسي يتصالحان ويتحالفان تحت عنوان «وحدة البيت الشيعي»، منهيين بذلك حرب البسوس الطويلة بينهما. آخ ومليون آخ، من كان يصدق أن يضع سيد عدنان يده بيد النابلسي لولا حادثة التأبين التي لا تريد فاتورتها أن تنتهي قبل أن تمسح كل نقطة جميلة في سيرة عدنان.

ومن بين الغبار الكئيب هذا نتساءل: وأين النائب صالح عاشور من الصلح يا سادة القوم؟

* * *

لكل من اعترض، وما أكثرهم، على إعراب الجملة التي وردت في مقالتي السابقة «الحشر ليس عيداً»، والتي جاءت هكذا «نحن الكويتيين لا نعلم كيف نشكر الله على جزيل نعمه»، ظانِّين أن الصحيح هو «نحن الكويتيون»، وأن «الكويتيين» خبر يجب أن يُرفع بالواو، أقول باختصار: «الكويتيين» ليست خبراً، فأنا لا أهدف إلى إخبار الناس أننا كويتيون، بل هي مفعول به منصوب على الاختصاص بفعل محذوف تقديره أخص أو أعني وعلامة نصبه الياء، وجملة «لا نعلم كيف نشكر الله على جزيل نعمه» هي الخبر. ولا إعراب آخر لها في الأسواق، فالمعذرة.