سؤال ما فتِئت تردده طوال علاقتهما المستمرة منذ سنوات!

Ad

يخرج السؤال من بين أسنانها الصفراء من أثر دخان «الأرجيلة» التي لا تبارح شفتيها إلا نادراً، ظل هو زمناً طويلاً يعتقد أن رائحة فمها الكريهة ناتجة عن تدخينها «الأرجيلة»، اكتشف لاحقاً أن سبب تلك الرائحة النتنة... كلماتها!

كان يتمنى لو استطاع أن يطلب منها بعد كل حديث بينهما أن تغسل فمها جيداً بالماء والصابون، وأحياناً كان يتساءل بخبث في قرارة نفسه لماذا لا يتم صنع «حفاضات» بمقاس الأفواه؟!

هي مازالت تسأل: لماذا يخونني؟!

تشعر أنها جُرحت في صميم أنوثتها التي نسيتها في رحم أمها قبل أن تخرج إلى الدنيا، فصوتها كان عالياً على الدوام، وتتحدث بطريقة لا ينافسها فيها سوى العسكر، نظراتها حادة وثاقبة، وأسلوبها في الحديث جاف كورقة خريف، تجيد كثيرا الأساليب الاستخباراتية والكذب، وبالرغم من أنه لا ينكر خيانتها، فإنها لم تلتقط أنفاسها قط، لتفكر بهدوء للبحث عن حل معه للمشكلة، وإنما تستمر في البحث والتحرّي عن أسماء النساء الأخريات، أوصافهن، أرقام هواتفهن، مقاس أحذيتهن... إلخ! وتقوم بذلك بلا كلل ولا ملل، وبجهد حثيث لو كرّسَت القليل منه لإصلاح علاقتها معه لأصبحت علاقتهما مثالية.

تذهب إلى سريرها ليلاً، تعتصر وسادتها المبللة بالدموع تحت رأسها مرددة سؤالها الأزلي: لماذا يخونني؟!

في المرات القليلة التي يتم فيها الحديث بينهما عن هذا الموضوع تختلط أكاذيبها بأوهامها بالحقائق لإثبات شيئاً واحداً، أنها تعرف اسم التي يخونها معها، وليس سبب خيانته، ولا ما هو الحل!! يحاول عبثاً أن يُفهمها أن الموضوع ليس مع مَن يخونها، وإنما السبب في خيانته لها!

يئس من بحث هذا الموضوع معها، قائلاً: كيف يمكن للمرء أن يصل إلى الحقيقة إذا كان مَن يحاوره كذاباً!

السؤال مازال يدور في ذهنها في حلقة مفرغة: لماذا يخونني؟!

تبحث عن إجابة لسؤالها في الأفلام، في الأغاني، في الشعر، في الروايات، إلا أنه لاحظ أنها كلما قرأت كتاباً في الأدب ازدادت قلة أدب في حديثها!! وأصبحت طريقتها في التفكير واستخلاص النتائج أكثر اعوجاجاً، كثيراً ما خجل من تصرفاتها الرعناء أمام الآخرين، ومن ثرثرتها البليدة بكل ما يجوز وما لا يجوز، سألها مرة: ما فائدة ما تقرئين؟! بينما راحت تسأله: لماذا تخونني؟!

لا ترى مبرراً لخيانته لها فهي ترى نفسها جميلة، وبنت حسب ونسب، وهذا الحسب والنسب تحديداً هما محور حياتها، لدرجة أنهما جوهر تقييمها للآخرين واحترامها لهم، وكثيرا ما كانت تردد له -محاولة تذكيره- أنها بنت أصل، وكان يردد أن السلوك فقط هو الذي يفرّق أبناء الأصول عن أبناء الشوارع وليس الاسم المدون في الهوية الشخصية.

لم تلتقط كلماته بعين الوعي، وإنما استأنفت سؤالها لنفسها: لماذا يخونني؟!

هي ترى في نفسها ذكاءً خارقاً لدرجة أنها تضع علبة الشطة الحارة في الثلاجة لكي... تبرد!! هو يعتقد أنها ذكية بالدرجة الكافية لتكتشف كم هي... غبية!

ومازالت هي تمضغ ذات السؤال: لماذا يخونني؟!