ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الهجوم على "أسطول الحرية" قد استهدف تركيا كموقف وكدور وكتوجه نحو هذه المنطقة، بعد إدارة ظهر استمرت أكثر من ثمانين عاماً، فإسرائيل التي استفردت بهذه الدولة الشرق أوسطية الهامة سنوات طويلة أغاظها أن يطرأ كل هذا التطور الجذري في عهد هذه المجموعة الحاكمة، ذات التوجه الإسلامي، الذي اتخذ القضية الفلسطينية بوابة له، فلجأت إلى هذا الأسلوب البربري وركزت هجومها على السفينة التركية (مرمرة) إذ استشهد كل هذا العدد من المواطنين الأتراك.
ويقيناً فإن هذا الهجوم الذي استهدف السفينة التركية (مرمرة) لم يكن عارضاً ولا مصادفة، لكنه جاء بناء على قرارٍ إسرائيلي مسبق وعلى أعلى المستويات، وأن المقصود هو الإساءة لتركيا وإحراج هذه القيادة التي على رأسها عبدالله غول ورجب طيب أردوغان أمام شعبها وإظهارها بأنها عاجزة وغير قادرة على الرد على ما جرى بذات القوة التي استخدمها الكوماندوز الإسرائيلي في هذا الهجوم. وحقيقة فإنه يمكن اعتبار أن هذا الهجوم الغاشم على السفينة التركية وعلى ركابها الذين معظمهم من الأتراك هو أول اشتباك عسكري بين تركيا وإسرائيل والمتوقع ألّا تقف الأمور عند هذا الحد إذا بقي الإسرائيليون يركبون رؤوسهم وبقوا يرفضون الاعتراف بجريمتهم وبقوا يتملصون من الاعتذار علناً وبشكل مباشر عما فعله جنودهم ضد أناس أبرياء، كل ذنبهم أن بلدهم بدأ بصياغة معادلة جديدة في هذه المنطقة وأعطى لنفسه مكانة فيها الرقم الرئيسي. إن أهمية هذا الذي جرى على شدة بشاعته ودمويته هو ما ثبَّت تركيا نهائياً في معادلة الشرق الأوسط المعادية لإسرائيل وزاد عزلة الإسرائيليين في العالم وهذا يتطلب أولاً أن يبادر الفلسطينيون إلى استعادة وحدتهم وإنهاء هذا الانشقاق المخجل والمعيب، وثانياً ألّا يغرق العرب في الصخب والشعارات فتضيع فرصة حقيقية سانحة كما ضاعت فرصٌ كثيرة سابقة. على العرب الذين سيلتقون اليوم في القاهرة من خلال مندوبي دولهم في الجامعة العربية، والذين من المفترض أن يعقدوا اجتماعاً خاصاً غداً الخميس يتخذون فيه قرار الرد على ما جرى أن يذهبوا إلى مجلس الأمن بموقف واحد يطالبون فيه باستصدار قرار بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عاصمتها القدس الشرقية، وحقيقة فإن هذا بات ممكناً فإسرائيل غدت دولة "مقرفة" بالنسبة إلى العالم كله بما فيه الولايات المتحدة، والتعاطف مع الشعب الفلسطيني وقضيته وصل إلى مرحلة متقدمة لم يصل إليها في أي فترة سابقة.
مقالات
دولة مُقْرفة!
02-06-2010