لا مصلحة لـ«حزب الله» في «7 مايو» جديد: يستجلب نقمة شعبية بلا مكاسب سياسية
تستبعد القراءات السياسية للجهات المتابعة عن قرب للوضع اللبناني انفجاراً أمنياً داخلياً جديداً مشابهاً لما حصل في 7 مايو 2008، على خلفية ما يمكن أن يتضمنه القرار الظني المنتظر صدوره عن المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه من اتهامات يتخوف "حزب الله" من أن تستهدفه على خلفيات سياسية.وفي رأي هذه القراءات فإن الوضع اللبناني يبقى مضبوطاً على الرغم من مواقف "السقف العالي" التي صدرت، والتي يمكن أن تصدر عن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بفعل المراقبة العربية اللصيقة للتطورات اللبنانية من جهة، خصوصاً من خلال الزيارات المرتقبة لكل من العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والرئيس السوري بشار الأسد، وبفعل الحسابات اللبنانية الداخلية من جهة مقابلة.
ويؤكد المراقبون في هذا الإطار أن الظروف التي دفعت بـ"حزب الله" إلى احتلال بيروت عسكرياً في 7 مايو، مختلفة عن الظروف التي يمكن أن يتعاطى معها الحزب في مواجهة أي قرار ظني قد يستهدفه من خلال اتهام بعض عناصره بالتورط في جريمة اغتيال الرئيس الحريري. ففي 7 مايو 2008 كانت الحكومة التي رأسها الرئيس فؤاد السنيورة مستمرة في أداء مهماتها، وفي الاحتفاظ بشرعيتها الدستورية على الرغم من استقالة الوزراء الشيعة منها، وكانت الأكثرية في المجلس النيابي لا تزال بيد قوى 14 آذار على الرغم من عمليات الاغتيال التي استهدفت النواب وأنقصت هذه الأكثرية، وعلى الرغم من إقفال الرئيس نبيه بري للمجلس مما عطل عملياً فاعلية هذه الأكثرية.ويضيف المراقبون أن "حزب الله" إزاء هذا الواقع الذي بدا معه غير قادر على إسقاط التركيبة الحكومية والنيابية لمصلحة تركيبة يمسك بمفاصلها، استخدم السلاح في ما يشبه الانقلاب السياسي الهادف إلى استبدال الحكومة بأخرى يكون قادراً على التحكم في قراراتها ووجودها من خلال الثلث المعطل للقرارات أو الناسف للشرعية في حال الاستقالة، وإلى ضمان الحصول على الأكثرية في مجلس النواب من خلال قانون للانتخاب على أساس القضاء وفقاً لما تم إقراره في اتفاق الدوحة الذي أرسى معادلة سياسية تعكس موازين القوى العسكرية التي أفرزتها عملية 7 مايو. أما اليوم، فيلفت المراقبون إلى أن "حزب الله" ليس في حاجة إلى استخدام السلاح وتحمل التبعات السلبية لهذا الاستخدام على صورته في الداخل والخارج، خصوصاً إذا صدر قرار ظني عن المدعي العام الدولي دانيال بلمار يتهم بعض عناصر الحزب، للإمساك بمفاصل القرار السياسي الرسمي في لبنان.فرئيس الجمهورية بات أقرب إلى وجهة نظر "حزب الله" وحلفائه بشأن موضوع السلاح والاستراتيجية الدفاعية.و"حزب الله" يمسك بأكثر من الثلث المعطل في الحكومة، خصوصا إذا ما أضيف "الوزير الوديعة" من حصة رئيس الجمهورية عدنان السيد حسين إلى الوزراء العشرة لحزب الله وحلفائه، بالإضافة إلى وزراء اللقاء الديمقراطي الثلاثة في ظل التموضع الجديد لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط.أما في المجلس النيابي فإن الأكثرية التي تشكلت بفعل التحالف الذي خاض الانتخابات فلم تعد بيد قوى 14 آذار، خصوصا بعد خروج النائب وليد جنبلاط (كتلة من 11 نائباً) وبعد التباينات المكشوفة بين تيار المستقبل وقوى 14 آذار من جهة والوزير محمد الصفدي من جهة أخرى.من هنا يتساءل المراقبون عن النتائج والأهداف السياسية التي يمكن أن يحصل عليها "حزب الله" من السيطرة العسكرية المباشرة على الأرض في العاصمة والمناطق طالما أنه قادر على الإمساك بالقرار السياسي لدولة اللبنانية. وما الذي سيجنيه سياسياً في مواجهة القرار الظني المحتمل من إقدامه على السيطرة بالسلاح على الأرض وتحمل تبعات النقمة الشعبية عليه؟ فإذا كان هدفه إسقاط التهمة، فاحتلال الأرض لا يسقطها. وإذا كان هدفه إلغاء المحكمة فقرار إلغائها موجود في مجلس الأمن الدولي وليس في لبنان. وإذا كان هدفه فرض قرار معين على السلطتين التشريعية والتنفيذية اللبنانيتين في التعاطي مع المحكمة الدولية فباستطاعته فعل ذلك من دون مواجهة ميدانية من خلال إمساكه بالحكومة والأكثرية النيابية.