لعبة إسرائيلية مكشوفة

نشر في 26-03-2010
آخر تحديث 26-03-2010 | 00:01
 صالح القلاب اللعبة نفسها، فإسرائيل بادرت بمجرد وصول رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إلى واشنطن، باستدعاءٍ من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما، لحل مأزق "المفاوضات غير المباشرة"، إلى تسريب إشاعة اقتراب استئناف الوساطة التركية بينها وبين سورية، وحقيقة أن هذه اللعبة مكشوفة ومعروف هدفها وهو إشعار الفلسطينيين بأنهم إن بقوا متمسكين بمواقفهم سواء لجهة مشكلة الاستيطان في القدس الشرقية أو لجهة حدود الدولة الفلسطينية المنشودة، فإن البديل هو تحريك المسار السوري والتوصل إلى الحل العالق في عنق الزجاجة بالنسبة إلى هضبة الجولان السورية المحتلة.

إنها اللعبة نفسها فبعد مؤتمر مدريد المعروف لجأت إسرائيل إلى ما سُمي تنافس المسارات لضرب العرب بعضهم بالبعض الآخر، وإشعار كل طرف (عربي) من الأطراف المعنية، السوريين والأردنيين والفلسطينيين، بأن الطرف الآخر يسعى إلى تقليع شوكه بنفسه، وأن الطرق بينه وبين الإسرائيليين مفتوحة وسالكة، وكان العمل العربي على هذا الصعيد يتخذ طابع اجتماعات وزراء خارجية "دول المواجهة" مضافاً إليها المملكة العربية السعودية.

كان هدف إسرائيل في تلك الفترة، كما هو الآن أي الإبقاء على المفاوضات تراوح مكانها بين الحياة والموت ودق أسافين الشكوك بين العرب الذين كانت العلاقات بينهم غير صحيحة وغير سليمة، وكان كل طرف يخشى أن تتجاوز قافلة الحلول مساره، وأن يبقى في النهاية وحيداً ليستفْرد به الإسرائيليون ويفرضوا عليه الحل الجائر الذين يريدونه.

وحقيقة أن الإسرائيليين في تلك الفترة المبكرة قد حققوا النجاح الذي يريدونه في هذا المجال، إذ أصبح كل طرف عربي يشعر بأنه مهدد بالاستفراد، وعليه أن يهتم بشأنه الخاص وينخرط مع إسرائيل في مفاوضات سرية، فإنه لابد من الإشارة إلى أن هذا الشعور تعزز حتى حدود اليقين عندما فوجئ العرب المعنيون مباشرة والبعيدون باتفاقيات أوسلو التي أبرمتها القيادة الفلسطينية حتى بدون علم الوفد الفلسطيني المفاوض بقيادة د. حيدر عبدالشافي الذي كان منهمكاً في مفاوضات عسيرة مع وفدٍ إسرائيلي في "كاريدورات" وزارة الخارجية الأميركية.

يومها شعر السوريون والأردنيون بأن المياه تسيل من تحت أقدامهم، وأن عليهم أن يبادروا بسرعة لتدارك أمورهم حتى لا يفوتهم القطار ويصبحوا فريسة للاستفراد الإسرائيلي، فكانت النتيجة إبرام اتفاقية وادي عربة عام 1994 بالنسبة إلى الأردن، وكادت تلك المفاوضات السرية والعلنية تنتهي بالحلول المنشودة على جبهة الجولان لو لم تطرأ على التحالفات السياسية الإسرائيلية تلك التحولات التي وضعت القرار بيد الأحزاب والتوجهات اليمينية والمتطرفة.

والآن إذْ تلجأ إسرائيل إلى لعبة تنافس المسارات، أو في حقيقة الأمر تنافس المسارين، فإنها لا تعرف أن هذه اللعبة باتت مكشوفة، وأن الفلسطينيين والعرب ومعهم العالم بأسره يدركون أن ما يسعى إليه الإسرائيليون لن ينطلي على سورية، وأن القضية الفلسطينية هي لبّ الصراع في هذه المنطقة، وأن كل الاتفاقيات (الجانبية)، التي أُبرمت، والتي لم تبرم، ستنهار حتماً إن لـمْ تُحل هذه القضية الأساسية الحل العادل القائم على حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

back to top