من دون الاستعانة بـ"بصارة" ولا بـ"ضاربة ودع" فإن العام الجديد الذي بات العالم يقف على أبوابه سيكون بالنسبة إلينا كعرب وكشرق أوسطيين من أصعب الأعوام التي مرت بنا، منذ بدايات هذه الألفية الثالثة مع أن سنواتها السابقة كانت كلها سنوات قاسية وصعبة سواء بالنسبة الى علاقاتنا الداخلية العربية- العربية أو بالنسبة الى قضية فلسطين أو بالنسبة إلى التحديات الإقليمية والدولية.

Ad

ستشرق شمس اليوم الأول من السنة الجديدة التي هي نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة، وعملية السلام عالقة في عنق الزجاجة، والوضع الفلسطيني على الصعيد الداخلي أسوأ مما كان عليه قبل عشرة أعوام، وكل هذا والعرب قد غاب عنهم التنسيق حتى بحدوده الدنيا، والإقليم تنهض فيه قوى مناوئة تستهدف دورهم ومكانتهم الإقليمية والدولية.

سيرث العام المقبل تركة هذا العام، التي هي تركة ثقيلة بالفعل والمتوقع أن تزداد بؤر التفجر الحالية تفجراً، فهناك أزمة القدرات النووية الإيرانية التي تشير كل التقديرات إلى أنها في ضوء الاستعصاء المستمر قد تدفع المنطقة كلها إلى أتون حرب، إن اندلعت فإنها ستكون مدمرة وستشمل هذه المنطقة كلها ولن تسلم من ويلاتها دولة واحدة.

وسيرث العام المقبل واقع العراق المأساوي، الذي كلما انتعشت الآمال باقتراب خلاصه تعرض لانتكاسة جديدة وعاد إلى نقطة الصفر، وهو سيرث أيضاً الأوضاع اليمنية المتفجرة في الشمال والجنوب، إذ هناك "الحراك السياسي" الذي بدأ يأخذ طابع الحراك العسكري، وحيث هناك الحرب الحوثية التي غدت كضرس مؤلم في فك ملتهب، وكل هذا بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية والمربكة.

سيستقبل العام الجديد وهو دامع العينين "صومالاً" يأكل نفسه بينما نهاية مأساته بعيدة و"سوداناً" على مفترق طرق قد ينفصل جنوبه عن وسطه وشماله وشرقه وغربه في أي لحظة، وهو سيستقبل أيضاً وضعاً لبنانياً هشاً يعتمد تماسكه على تمحورات إقليمية تتباعد وتتقارب وفقاً للأمزجة ووفقاً لحسابات المصالح الضيقة، وهذا يجعل حكومة سعد الحريري كأنها معلقة من رموشها وخاضعة باستمرار للمستجدات التي قد تطرأ في أي لحظة لتنتهي المصالحات غير المتينة التي جعلت ولادتها ممكنة بعد مخاضٍ شاق وعسير.

سيكون عام العرب المقبل من أصعب الأعوام وأقساها، فبالإضافة إلى كل هذه المآزق التي سيرثها من هذا العام الذي بات يلفظ أنفاسه الأخيرة فإنه سيشهد انفجار بؤر توتر في دول عربية يشبه حالها حال من ينام قرير العين فوق برميل بارود، ولهذا فإنه على "الأشقاء" الذين بيوتهم من زجاج أن يستعدوا للعواصف الهوجاء التي سيأتي بها آخر أعوام العقد الأول من الألفية الثالثة.

على العرب الذين لا يدركون هذه الحقائق ولا يرون كل هذه التحديات الخطيرة أن يتذكروا، وقبل فوات الأوان، أنه على الإنسان حتى الإنسان العادي أن يبادر إلى إطفاء الحرائق، إن اندلعت في منـزل جاره لأنه إن لم يفعل هذا فإن ألسنة النيران ستنتقل إلى منـزله حتماً، وهنا فإن هذه هي حقائق التاريخ أمام الجميع، وهي حقائق تستوجب عدم ركون الذين ينامون على أرائك من حرير إلى أن نومهم سيستمر هنيئاً وبعيداً عن الكوابيس المرعبة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة