ماذا يعني ميلاد جمعية نفع عام تُعنى بحقوق الجاليات والوافدين في الكويت؟ يبدو الأمر أصعب ممّا نتصور، خصوصاً ونحن في بلد لا يبدي كبير اهتمام بحقوق الجاليات والوافدين المقيمين على أرضه.

Ad

لا نقصد بالاهتمام التبرعات الشخصية والمبادرات الإنسانية التي تصدر من هذا أو ذاك، نتحدث هنا عن التشريعات التي يصدرها البرلمان الكويتي ودورها في نصرة هذه الفئة، وعن التخبط الذي تقع فيه بعض الوزارات بإصدار بيانات متضاربة في شأن إلغاء الكفيل، ونقل الإقامة بشكل حر، ونتحدث أيضاً عن أجور العمال من الفئة المُهمَّشة (خدم منازل، عمال النظافة)، التي تتأخر، وفي بعض الأحيان لا تُصرف لهم.

لا يبدو نواب السلطة التشريعية مهتمين بقضايا هذه الفئة بقدر اهتمامهم بقضية إسقاط القروض، والسبب واضح هو محاولة اجتلاب مكاسب شخصية تصبّ في صناديق الاقتراع، ولو كان لهؤلاء الوافدين أن يصوتوا في انتخابات مجلس الأمة، لاختلف الوضع برمّته.

أبدى بعض النواب تذمراً شديداً من تقرير الخارجية الأميركية بشأن حقوق الإنسان في الكويت، الذي يصنفها «ضمن الفئة الثالثة من الدول، وهي الفئة التي لم تلتزم بالحد الأدنى والجهود لمحاربة الاتجار بالبشر»، ولست أرى مبرراً لهذا التذمر، خصوصاً إذا علمنا أن جمعية حقوق الإنسان في الكويت تتفق مع التقرير في بعض جوانبه، إذ تؤكد وجود قصور من الكفلاء وأصحاب العمل، كما أن قانون العمل في القطاع الأهلي المقترح، الذي نوقش في مجلس الأمة في الفصل التشريعي السابق، لم يحدد نصوصاً ومواد تتعلق بأوضاع العمالة المنزلية التي تفوق أعدادها 600 ألف من الإناث والذكور، بما يمثل 20 في المئة من إجمالي السكان في الكويت.

يُضاف إلى جمعية حقوق الإنسان جمعية أخرى ظهرت مجدداً في الكويت، وهي «المركز الكويتي لحقوق الجاليات»، وهي جمعية نفع عام في طريقها إلى الإشهار بعد أن تقدم أعضاؤها بطلب إلى وزارة الشؤون، منذ 31-1-2009، لكنها لم ترَ النور حتى اللحظة، وإن كان يبدو أن الموافقة عليها مسألة شبه مؤكدة بعد أن استوفت كل شروط الإشهار.

وبشأن التأخر في إشهارها حتى اللحظة، يقول أمينها العام جمال العتيبي إن المسألة تتعلق بالوضع السياسي في البلد، فمنذ تقديم طلب الإشهار حتى اللحظة، تناوب على وزارة الشؤون وهي الوزارة المعنية، أربعة وزراء، وكل وزير يطلب مهلة محددة لإعلان الموافقة ثم يغادر منصبه من دون اكتمال الأمر.

يختلف المركز الكويتي لحقوق الجاليات عن جمعية حقوق الإنسان، من عدة جوانب، أولاً أنه يبدي اهتماماً كبيراً بالجانب الثقافي حيث شكل لجنة متخصصة لاستضافة المبدعين والمثقفين ممّن يقيمون على أرض الكويت، وهي مسألة إيجابية تحسب له، على أمل أن تصلح الثقافة ما أفسدته السياسة، كما أن هذه الجمعية لا تتطرق إلى قضية البدون التي يبدو أن «حقوق الإنسان متخصصة بها».

وفي المجمل يستحق هؤلاء العاملون في المركز كل التشجيع والتقدير، خصوصاً إذا ما علمنا أنهم يتبنون مبادئ أساسية مثل المساهمة في رعاية المرضى والمعاقين وكفالة الأيتام من أبناء الجاليات، وكذلك إبداء الرأي في مشروعات القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان المتصلة بالجاليات، وتلقّي الشكاوى بهذا الصدد، والتأكد من تنفيذ الجهات الحكومية القوانين واللوائح ذات الصلة.

قد تتحول هذه القوانين إلى ما يشبه حبراً على ورق، إذا لم تجد آذاناً صاغية من السلطة التشريعية، فتحسين صورة الكويت، وهو هدف تسعى إليه كل الجمعيات الحقوقية هنا، ينطلق من مبنى عبدالله السالم باستصدار قوانين تنصف هذه الفئة المظلومة ومن ثم تطبيقها، ولا يتأتى عن طريق إصدار البيانات أو التعاطف السطحي معهم.