مكانة سينما داود ومكانها

نشر في 15-02-2010
آخر تحديث 15-02-2010 | 00:00
 محمد بدر الدين يعني فيلم جديد لفنان السينما الكبير داود عبد السيد، وجود حدث ثقافي إبداعي ومناقشة في الأفكار والجماليات، فماذا عن مكانة «سينما داود» على خارطة السينما المصرية والعربية.

لا تعرف سينما داود التنازلات، لأنها سينما فنان يصرّ على أن ينتمي نتاجه إلى «السينما الفنية» البعيدة عن السينما التجارية، حتى لو اضطر إلى أن يكون مقلاً ، ويفصل بين كل عمل وآخر بضع سنوات قد تبلغ الخمس أو أكثر، إضافة إلى أنها سينما ناضجة متطورة تتميز بسمات الحداثة والأفق الجديد، درامياً وجمالياً.

بدأت سينما داود الروائية، في إطار كوكبة سطعت مع مطلع ثمانينات القرن العشرين، في خضمّ موجة تجديد واضحة شملت السينما المصرية وأثرت في السينما العربية وتفاعلت مع اجتهادات العصرنة.

وسط هذه الكوكبة والموجة تميز داود ورفيقه خيري بشارة بأنهما جاءا من السينما التسجيلية، حيث قدما في السبعينات أفلاماً هي من الروائع، من بينها: «وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم» (1976)، «العمل في الحقل» (1979)، «عن الناس والأنبياء والفنانين» (1980).

قدم داود وبشارة إلى جانب عاطف الطيّب ومحمد خان ورأفت الميهي ومحمد شبل وقبلهم علي بدرخان روحاً جديدة وموجة تجديد ستظل حاضرة وراقية وموحية في تاريخ الفيلم والإبداع العربي. تندرج سينما داود ضمن إطار ما يعرف

بـ «سينما المؤلف» في السينما العالمية أو «فنان الفيلم»، سواء في الأفلام التي ألفها وكتب السيناريو، بدءاً بفيلمه الأول «الصعاليك» (1984)، ثم «البحث عن سيد مرزوق» (1990)، مروراً بـ «أرض الخوف» 1999 و{مواطن ومخبر وحرامي» (2001)، إلى «رسائل البحر» (2010)، أو في الأفلام التي كتب لها السيناريو عن نصوص أدبية على غرار «الكيت كات» (1991) عن رواية «مالك الحزين» لإبراهيم أصلان، «سارق الفرح» (1994) عن قصة لخيري شلبي، أو حتى في «أرض الأحلام» (1992) سيناريو هاني فوزي.

عبر داود عن نفسه تماماً وجسد رؤيته الفكرية للمجتمع والعالم والحياة والوجود، فعكس مفهوم سينما المؤلف الحقيقي والمفاهيم التي سادت العالم في أواسط القرن العشرين، عندما رفعت الموجة الفرنسية الجديدة في الستينات شعار «الكاميرا القلم».

عموماً، هذا الطراز من المخرجين قليل في السينما سواء لدينا أو في العالم، مع ذلك هم يؤثرون ويضيفون ويصنعون تطور الفن السابع الحقيقي وتظل لأفلامهم قيمتها المتفردة وإشعاعها الخاص، لا سيما أنها لا تقاس بـ «الكم» وإنما «الكيف»، وهذه هي قيمة مخرج كتوفيق صالح مثلاً في السينما المصرية والعربية، وشادي عبد السلام الذي دخل هذه السينما وتاريخها بفيلم روائي واحد.

يقدم داود في أفلامه كافة سينما موحية، متعددة الأبعاد، تجسد رؤية على أصعدة اجتماعية وسياسية وميتافيزيقية، في محاولة لفهم العالم والكون والإنسان وسط الظروف المختلفة والحالات والتحولات والعواصف.

back to top