تحول ملف المواطنين المزدوجي الجنسية ممن يحملون الجنسية الكويتية وجنسيات أخرى إلى ما يشابه كرة النار التي تتقاذفها الأطراف المعنية بالموضوع رغبة في تفادي الاحتراق بنارها، وسط صمت حكومي ربما سيؤدي بدوره إلى اشتعال الكويت. في مفهوم ازدواج الجنسية، ننطلق مع المادة 27 من الدستور التي تنص على أن «الجنسية الكويتية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاط الجنسية أو سحبها إلا في حدود القانون»، ومنه إلى قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959 وتحديدا المادة 11 بنصها «يفقد الكويتي الجنسية إذا تجنس مختارا بجنسية أجنبية ولا تفقد زوجته الكويتية جنسيتها إلا إذا دخلت في جنسيته، ويفقد أولاده القصر جنسيتهم الكويتية إذا كانوا يدخلون في جنسية أبيهم الجديدة بموجب القانون الخاص بهذه الجنسية، ولهم أن يعلنوا وزير الداخلية باختيار جنسيتهم الكويتية خلال السنتين التاليتين لبلوغهم سن الرشد»، وكذلك المادة 11 مكرر المتعلقة بالأجانب المجنسين بقولها «على الأجنبي الذي حصل على الجنسية الكويتية وفقا لأحكام المواد 4 و5 و7 و8 من هذا القانون أن يتنازل عن جنسيته الأجنبية- إذا كان له جنسية أخرى- خلال ثلاثة شهور من تاريخ حصوله على الجنسية الكويتية، وأن يقدم لوزارة الداخلية خلال هذه المدة ما يثبت ذلك، وإلا اعتبر المرسوم الصادر بمنحه الجنسية كأن لم يكن من تاريخ صدوره، وتسحب الجنسية في هذه الحالة بمرسوم -بناء على عرض وزير الداخلية- ويترتب على ذلك سحب الجنسية الكويتية عمن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية».

Ad

وباستعراض هذه المواد نرى أن القانون خول وبنص صريح وزير الداخلية أن يسحب الجنسية الكويتية من أي مواطن يثبت حمله لجنسية أخرى سواء حصل عليها بالتأسيس أو بالتجنيس، وهذا هو جوهر المسألة، فنحن أمام قانون ومخالفة عقوبتها سحب الجنسية.

الخطير في التعاطي مع مسألة ازدواج الجنسية ليس قصور وزير الداخلية وأجهزة وزارته بتطبيق القانون، ولا الهمز واللمز من زاوية انعدام الولاء، أو حتى تحول القضية إلى مادة للتكسب السياسي، بقدر ما هو إظهار للموضوع من زاوية أن تكون المخالفة هي القاعدة، والتعامل مع الازدواج على أنه حق مكتسب، مع الحديث أيضا عن وجوب استثناء جنسيات محددة ومنع جنسيات أخرى من تطبيق القانون، كل حسب هواه ومزاجه، مع العلم أن القانون ينظر لأي جنسية أخرى عدا الكويتية بالسوية، ولم يحدد دولة ليستثنيها أو يمنعها.

إن حمل أي مواطن لأي جنسية أخرى كانت عدا الكويتية مخالفة صريحة للقانون، والدولة ممثلة بوزارة الداخلية معنية بتطبيق القانون، وهناك مسؤولية سياسية وقانونية على وزير الداخلية، ومن يتحدث بغير ذلك عابث ومزايد على نص دستوري صريح ومادة واضحة بقانون الجنسية.

لكن السؤال هنا: لماذا لا تطبق الدولة القانون؟ ولماذا لا يتبنى النواب المدافعون عن مزدوجي الجنسية تعديلا على القانون يسمح بازدواج الجنسية؟ كون ممارسة كلا الطرفين لدوره الدستوري والقانوني سيحل هذا الملف دون الطعن في ولاءات المواطنين أو التجريح بكراماتهم، إلا إذا كان الطرفان عامدين لترك الحبل على الغارب، لتتحول القضية إلى وسيلة جديدة للتكسب والظهور، وقضية رأي عام مثيرة يستقطب كل فريق فيها مناصريه بمواجهة الفريق الآخر مقدمين مصالحهم على مصلحة الكويت.

المأساة أن حمل مواطنين لجنسيات أخرى يكشف عن قناعة راسخة في نفوسهم بأنهم يتعاملون مع كيان زائل، وليست دولة مستقرة ذات سيادة، وحملهم للجنسية الأخرى خط رجعة، وضمانة للبقاء والتمتع بمزايا العيش الكريم متى زالت هذه الدولة، وهنا يجب أن نطيل التأمل أمام هذه العقلية، لأنها بالتأكيد أشد فتكا بالكويت من الولاء لغيرها.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة