أولى المتابعون لنتائج الإنتخابات البلدية في دورتها الأولى في جبل لبنان جانبا مهماً من عملهم التحليلي للأرقام ومعانيها السياسية الى "الصوت الشيعي" في أكثر من قضاء، وخصوصا في جبيل وبعبدا، وإقليم الخروب في الشوف.
وينطلق هذا الاهتمام من كون الغالبية الشيعية في صناديق الاقتراع صبت لغير مصلحة التحالف المعلن بين الثلاثي حزب الله – حركة أمل – التيار الوطني الحر.ففي مدينة جبيل بينت الأرقام أن ثلثي الناخبين الشيعة صبوا أصواتهم للائحة "جبيل أحلى" المدعومة من تحالف المستقلين المؤيدين لرئيس الجمهورية وقوى 14 آذار، في حين أن ثلث الأصوات الشيعية فقط صب لمصلحة لائحة "الولاء لجبيل" برئاسة الوزير الأسبق جان لوي قرداحي المحسوب على الرئيس السابق للجمهورية إميل لحود والمدعوم من التيار الوطني الحر برئاسة النائب ميشال عون الذي خصه بزيارة دعم "إستثنائية" قبل أربع وعشرين ساعة من بدء الإقتراع. ويسعى المحللون الى معرفة هل جاء التصويت الشيعي على هذا النحو بإيعاز أو تواطوء من حزب الله وأمل، أو خلافا لرأي تحالف الثنائي الشيعي. فإذا كان شيعة مدينة جبيل صبوا ثلثي اصواتهم لغير حلفاء أمل وحزب الله بقرار محلي فإن ذلك يعتبر مؤشرا على "امتعاض" شيعي جبيلي معين من سياسة الحزب والحركة وتحالفاتهما. أما إذا كان ذلك تم بإيعاز منهما فإنه يؤشر الى امتعاض شيعي من سياسة عون التصعيدية الصدامية التي تتعارض في بعض الأحيان مع مصالح الطائفة في التهدئة الآنية على الأقل.أما المؤشر الشيعي الآخر الذي يسعى المراقبون الى تفسير سياسي له، فهو ما شهدته بلدة بشتليدا الشيعية التي خرجت على التفاهم الشامل بين أمل وحزب الله، فشطب ناخبوها مرشحي حزب الله الثلاثة على اللائحة مما أدى الى سقوطهم في مواجهة لوائح شكلت محليا لمصلحة حركة أمل وحدها.أما بلدتا راس اسطا ولاسا الشيعيتان فقد فاجأتا تحالف أمل وحزب الله بنسبة التأييد الذي منحتاه لخصوم التحالف إذ أن الفارق بين لائحتي الحزب والحركة من جهة وخصومهما من جهة مقابلة لم يتجاوز المئة صوت في حين كانت نسبة التأييد لهما في الإنتخابات النيابية 97 في المئة.وتأتي هذه الصورة الجبيلية لتتقاطع مع مؤشر له أهميته في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت حيث نجح النائب باسم السبع المحسوب على "تيار المستقبل" من خلال شقيقه حسن السبع في الفوز مع حليف له على لائحة اختيارية حاصدا نحو 2600 صوت في مقابل 1200 صوت لشقيق النائب علي عمار من حزب الله.أما على الصعيد البلدي فقد نجحت اللائحة غير المكتملة التي واجهت لائحة تحالف امل وحزب الله في الغبيري في الحصول على أكثر من 2000 صوت في مقابل 4500 صوت للتحالف مع الإشارة الى أن رئيس البلدية الحالي أبو سعيد الخنسا (حزب الله) الذي أعيد انتخابه حل في مرتبة متأخرة على اللائحة الفائزة بالمقارنة مع زملائه على اللائحة.وفي إقليم الخروب، نجح تيار المستقبل في تحقيق مفاجأة شيعية قلبت المعادلات الإنتخابية التي سادت في الإنتخابات النيابية الأخيرة عندما اكتسح تحالف أمل وحزب الله أصوات البلدة. أما الأحد الماضي فنجح تيار المستقبل في الفوز بكامل أعضاء مجلسها البلدي في مواجهة لائحة تحالف أمل حزب الله.القريبون من 14 آذار يعتبرون هذه النتائج مؤشرات على تراجع الدعم الشيعي لتحالف أمل - حزب الله، في حين أن مصادر الحزب والحركة تؤكد على أنه من غير المنطقي مقارنة اتجاهات تصويت الناخبين في الإنتخابات البلدية بتصويتهم في الإنتخابات النيابية، وتعتبر أن المسألة لا تتعدى إطار الاعتبارات العائلية والمحلية التي لا علاقة لها بالخيارات السياسية الكبرى.
دوليات
«الصوت الشيعي» في جبل لبنان لم ينضبط تحت سقف «أمل» و«حزب الله»
05-05-2010