آمال: يا حصان

نشر في 17-09-2009
آخر تحديث 17-09-2009 | 00:00
 محمد الوشيحي في لندن، غضبت شابة إنكليزية من أصل إيراني على عشيقها الكويتي، ورفضت استقبال مكالماته، فاستنجد بصديقه ليعيد العلاقات ويرمم ما تهدّم، فاشترط عليه صديقه أن يشتمه على مسامعها ويوبّخه «بس عشان يلين رأسها» قبل أن يبدأ التوسط والشفاعة، فوافق العاشق، وفعلاً اتصل صديقه بالشابة الإيرانية، وشرع يشتم زميله كي يكسب ودّها، وكانت أول جملة: «يو آر بيقر ذان هيم»، ويقصد أنكِ الأكبر عقلاً فتجاوزي عن أخطائه واصفحي، فصححت معلومته: «لا، هو أكبر مني»، فامتدح تواضعها وواصل حديثه وكرر جملته، فصححت معلومته مرة أخرى ولكن بغضب: «هو مولود في فبراير 69 وأنا في نوفمبر 72، فكيف أكون أنا الأكبر؟»، فتجاهل سؤالها وقفز إلى جملة اخرى: «هي هاز نو ستوري»، أي «ما عنده سالفة»، ومعناها بالفصيح «هو مخطئ»، فلم تفهم الفتاة واستفسرت: «وات؟»، فأعاد على مسامعها الجملة، فأعادت الاستفسار بنبرة غاضبة، فسألها: «ألا تفهمين الإنكليزية؟»، فصرخت في وجهه: «اذهب إلى الجحيم أيّها الغبي»، فانفعل صاحبنا ورد على الشتيمة بأحسن منها: «أنتِ كلبة»، فاستفسرت منه: «هل تقصد أنني أمتلك كلبة؟»، فأوضح لها: «لا، أقصد أنك أنت الكلبة ذاتها»، فاستغربت هذا التشبيه ولم تفهم، واستفسرت وهي تطلق زفرات الغضب على اعتبار أن لغته ركيكة: «هل تتحدث الآن معي عن الكلاب، ما بها؟ ما الذي يمكن أن أفعله من أجلها؟»... كل هذا يتم وعشيقها – الذي يتحدث الإنكليزية بطلاقة - يستمع من خلال السبيكر إلى الحوار ويتلوى على الأرض من شدة الضحك.

حتى في ما بيننا نحن أهل الخليج، تختلف مفرداتنا ومعانيها اختلافاً طفيفاً، لا يستدعي تدخل الأطباء. ففي أبوظبي، وأثناء دورة تدريبية جمعت ضباطاً خليجيين، دار حديث بيني وبين ضابط إماراتي عن «الملابس الداخلية للرجال». ويجب التوضيح – لغير الخليجيين - أن أهل الكويت والسعودية والبحرين وقطر يرتدون «السروال» تحت الثوب، وهو في طول البنطلون، في حين يرتدي أهل الإمارات وعمان «الوزار» تحت ثيابهم، وهو مفتوح على الحديقة العامة ويطل على الشاطئ مباشرة. وانتقد صاحبنا الإماراتي سراويلنا، موضحاً أن النساء وحدهن اللاتي يرتدين السراويل، فانتقدت بدوري الوزار، وكيف أن الرجل إذا سقط على ظهره فستحل الكارثة، ودار النقاش على وقع ضحكات الزملاء، وعندما هَمّ الإماراتي بالمغادرة، قال لي بودّ: «في خاطرك شيء؟»، ومعناها باللهجة الكويتية: «هل تحمل ضغينة عليّ؟»، في حين أن معناها بالإماراتية: «هل تأمرني بشيء؟»، ويقولها المرء عادة قبل مغادرة المجلس. فأجبته: «لسنا أطفالاً كي نحمل في خواطرنا شيئاً على بعضنا بسبب نقاش ضاحك»، فلم يفهم، وكرر السؤال، فقلت له بغضب: «يا أخي ليس في خاطري شيء، لماذا تهوّل الأمور؟» فغضب بدوره: «وما الذي يغضبك الآن؟!» وكبرت القصة والسبب سوء الترجمة.

وفي الكويت ذاتها، تختلف اللهجات والثقافات، فالبدوي إذا أراد أن يمتدحك وصفك بأنك ذئب أو حصان، في حين أن هذين الوصفين عند الحضري يتطلبان تدخل (112) خدمة الطوارئ الهاتفية.

الثقافات تختلف، وهذا ما دعا النائب محمد هايف إلى مطالبة الحكومة بطرد السفيرة الأميركية بعد أن تحدثت عن الكلاب والقطط في برلماننا، ولو كان الأمر في يد نائبنا الفاضل لأمر بجلدها وحلق شعرها، وهي لن تحرص على شعرها بقدر حرصها على معرفة الجريمة التي ارتكبتها. يالله معلش «هي هاز نو ستوري». 

back to top