قال تعالى «وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللهِ عَاقِبَةُ الْأُمُور» صدق الله العظيم. الآية (23- سورة لقمان).

Ad

لقد غيَّب الموت والدي رحمة الله عليه، وإن كنت مؤمناً بقضاء الله وقدره، والموت حق كما الحياة حق، وأنه ذاهب إلى أكرم الكرماء خالق الخلق الرحمن الرحيم الله عز جلاله.

إن الإنسان يذهب بعمله الصالح ولعلّي أحتسب والدي ممن عمل عملاً صالحاً، فقد كان رحمه الله عليه محسناً لا نعرف ماذا يعطي، ولقد كانت شماله لا تعرف عن يمينه شيئاً، رحمة الله عليه.

عبارات المعزين من الكبار والصغار ممن عرفوا والدي في حياته كانت لها دلالات على حبهم له، وبلسماً لي ولإخواني... فجزاهم الله كل خير.

لعل الكلمات تعجز عن ذكر ما فعله لنا، حيث أفنى حياته في تربيتنا وتلبية احتياجاتنا حتى مع استقلالنا الكامل عنه، فلقد كانت عينه تحرسنا وتحمينا، ويمد يده بالمساعدة دون سؤال، ولن أنسى ما قاله وهو على فراش الموت يحثني بالبحث عن علاج لابني المعاق متكفلاً بعلاجه دون سقف.

في هذا المقام أستذكر أبيات شعر لا أعرف صاحبها أشكره عليها وأهديها لكل من فقد والده:

قالوا: «أبوكَ» فقلتُ: «العينُ ترمُقُهُ»

«قدْ ماتَ»، قلتُ: «شغافَ القلبِ يُعطيني»

وقلتُ: «أعشَقُهُ»، قالوا: «ستفقدُهُ»

هذا الكلامُ غباءٌ لا يعزيني

فهلْ يموتُ وفي قلبي محبتُهُ

تبقى ومن دَمِهِ تجري شراييني

وهلْ يموتُ وركْنُ البيتِ لمستُهُ

مطبوعَةٌ من عُيونِ الشرِّ تحميني

إنْ أبدعَ المطربُ الفنّانُ أسمعُهُ

وإنْ ترنَّمَ صدّاحُ البساتينِ

وهلْ يموتُ وفي أجوائنا عَبَقٌ

منه يفوحُ وعطرٌ كالرّياحينِ

وفي الصّباحِ أُحييهِ، فيغمُرُني

عطفًا، بأحسنِ ألفاظٍ يُحييني

ما دامَ في النّاس خيرٌ فهو مصدَرُه

فإنْ فقدتُهُ فلا خيرٌ يُهنيني

ما ماتَ مَنْ ذكرُهُ في الناس مُنطبعٌ

تبقى محبتُهُ فالذكرُ يكفيني

أسأل الله رب العرش العظيم أن يرحم أبي وآباءكم، وأن يدخلهم في جنات نعيم.