لقاء الطلبة الأجمل
بدعوة كريمة من المعهد العالي للفنون المسرحية، ممثلة في شخص الدكتور علي العنزي، رئيس قسم النقد، والدكتورة سعداء الدعاس، سررت بلقاء طلبة قسم النقد في المعهد، وذلك صباح يوم الأحد، الموافق 22 من الشهر الفائت، وذلك لمناقشة كتابي الوثائقي: «إسماعيل فهد إسماعيل... كتابة الحياة وحياة الكتابة»، وروايتي الأخيرة «الثوب»، وبعيداً عن تفاصيل المناقشة، فإن بادرة المعهد أسعدتني لأكثر من سبب.
لقد فطرت على حب أماكن العلم والتعلم، وصدق المثل القائل: لكل إنسان من اسمه نصيب، فأنا طالب أعشق الدرس واستكشاف الجديد وتعلمه، وأعشق أيضا مجالسة أهل العلم. وقبل هذا وذاك، أشعر أن شيئاً سرياً، أشبه ما يكون بالسحر، يشدّني لأماكن العلم، لهذا أحسست بكثير من الألم، وأنا أجول في أنحاء المعهد، فالمبنى هرم متداع، وحوائط وأسقف وشبابيك وأبواب الفصول تنطق بخراب حالها، لكن لسان أهل المعهد والفصول، ينطق بالود والوصل والعلم.المعهد العالي للفنون المسرحية صرح علمي ثقافي تفخر الكويت به، ولهذا آن الأوان لمجلس الوزراء الموقر، مروراً بوزارة التربية والتعليم العالي، أن يتبنى مشروعا لإنشاء مبنى جديد للمعهد، مبنى يتماشى مع طموح أهل الكويت، دكاترة وطلابا ومواطنين، ويحاكي روح العصر، الذي بات الفن فيه جسراً مهماً لوصل البشر بعضهم ببعض، فليس أصعب على نفس الدكتور والطالب أن يريا نفسيهما في مكان لا يليق برسالة الدكتور كمعلم، ولا يستوعب روح العلم الحديث، والبحث المتطور الذي يلازم الطالب في مراحل الدراسة. المعهد العالي للفنون المسرحية هو المكان المناط به تخريج أجيال من الفنانين والمسرحيين والنقاد، وحال المعهد العالي للفنون المسرحية قد يسرّ عدواً، لكنه بالتأكيد يُبكي الصديق. أؤمن بضرورة ربط طلبة العلم بمن يشتغل في العلم نفسه الذي يدرسون، وليكون ذلك بمنزلة الترجمة العملية لما يأخذون من مواد نظرية، كما أؤمن بأن وصل المبدع بطلبة العلم، إنما يتيح له فرصة التعرف على تفكير الشباب، وكيفية تلقيهم وفهمهم واستيعابهم لأعماله.لقد أسعدني الوجود بين طالبات وطلاب في عمر الشباب الأحلى، وكان أحد أسباب سعادتي، أنني تكلمت بحضرتهم عن تجربتي للكتابة عن مبدع ومدرس فاضل في الحياة والرواية والقصة، وأعني به إسماعيل فهد إسماعيل، وكم كنت فرحاً بتلقي أسئلتهم، وسرني القول إن كتابة الطالب عن المدرس، إنما هي في أحد وجوهها تُعد ردّ دين في رقبة الطالب.إن مناقشة حرة وغير مقيدة بأي محذور لكفيلة بتفتيق الكثير من الأفكار والمواضيع، وبقدر ما أعتقد دكاترة المعهد الكرام، باستفادة الطلاب من وجودي، بقدر ما كسبت معرفة مهمة بالنسبة إلي، للكيفية التي قرأ بها الطلاب أعمالي، والفهم الذي وصلوا إليه.للمعهد العالي للفنون المسرحية، وبالأخص قسم النقد، كل الشكر والتقدير على بادرتهم الجميلة، وللغد حلم بمبنى جديد للمعهد، يليق بالكويت وأهلها، يكون مثار فخر لنا أجمع.