ما عسى «المركزي» أن يفعل لـ «تنظيف» شركات الاستثمار؟
● استحداث إدارة للمخاطر أسوة بالبنوك وعدم خلق كيانات اقتصادية إلا بموافقة مسبقة منه
● لا تقبل عضوية أي مرشح إلا بالموافقة المسبقة تماماً كما يحدث مع البنوك
● لا تقبل عضوية أي مرشح إلا بالموافقة المسبقة تماماً كما يحدث مع البنوك
تحاول "الجريدة" من خلال التقرير التالي تسليط الضوء على أكثر المطالب الموجهة إلى بنك الكويت المركزي لمحاولة إعادة تنظيم قطاع الشركات الاستثمارية، وتصحيح ما حدث به من أخطاء خلال الفترة الماضية.
شركات الاستثمار هي أصل الأزمة المالية في الكويت، وذلك حسب آراء العديد من المراقبين الاقتصاديين، فمثلما أصل الأزمة في دبي هي العقار، وفي السعودية الشركات العائلية، فإن الأزمة في الكويت تعود أسبابها الرئيسية في شركات الاستثمار، وتصرفاتها وخطواتها التي قامت بها خلال فترات الفورة الاقتصادية والرواج الكبير ما قبل بداية اندلاع الأزمة في الكويت.فالكثير من القرارات والتصرفات التي اتخذت إبان تلك الفترة صاحبها سوء التقدير حسب ظن المراقبين الذين يرون أنه لم يكن من المفترض أن تنجرف شركات الاستثمار وراءها، خصوصاً أنها من أهم الشركات التي تتملك بطبيعة أنشطتها الاستثمارية العديد من الشركات الأخرى بمختلف القطاعات، وبالتالي فإن أي تعثر يواجه الشركات الأم فإنه من الطبيعي أن ينعكس على الشركات التابعة، وهذا ما يحدث تماماً خلال الفترة الحالية.بنك الكويت المركزي وكونه الجهة الرقابية المسؤولة عن قطاع شركات الاستثمار، والجهة التي ترسم السياسة النقدية في البلد، كان لابد من أن يأخذ دروساً ومواعظ كثيرة من الأزمة الحالية، فـ"رب ضارة نافعة" من الأزمة الحالية بالنسبة له، وهي التركيز على إعادة التخطيط ورسم السياسة المستقبلية للتعامل وتنظيم العمل في هذا القطاع الذي لا يزال يبحث عن "لملمة أجزائه المتبعثرة" وقيام العديد من الشركات بإعادة جدولة وهيكلة إداراتها ورسم خطة استراتيجية جديدة للتعامل مع المعطيات الحالية للوصول بالشركة إلى بر الأمان.من خلال هذا التقرير، نحاول تسليط الضوء على أبرز المطالبات الموجهة الى "المركزي" للعمل على تطبيقها والتركيز عليها لأهميتها في تنظيم قطاع شركات الاستثمار خلال الفترة القادمة، وهي:1- إدارة المخاطر، وجودها أصبح أمراً أساسياً وضرورياً في شركات الاستثمار حالها كحال البنوك، فمن غير المعقول أن تترك هذه الشركات وهي التي تدير أصولاً بمئات الملايين من عملائها دون وجود إدارة تقوم بتقييم ودراسة المخاطر الناجمة عن الاستثمار هنا وهناك!وإذا علمنا أن إجمالي الأصول المدارة في أكبر 18 شركة استثمارية فقط دون احتساب بقية الشركات قد بلغ خلال العام الماضي 13.3 مليار دينار، وذلك حسب إحصائية سابقة لـ"الجريدة"، فإنه من المهم أن نرى إدارات في جميع الشركات الاستثمارية لتقييم المخاطر ودراسة نسب المخاطرة في جميع استثمارات الشركة.كما أن استثمارات الشركات وملكياتها في العديد من الشركات مختلفة الأنشطة سواء العقارية أو الخدمية أو غيرها يحتم عليها إنشاء إدارة للمخاطر تهتم بقياس وتقييم وإعادة دراسة الاستثمارات التابعة بشكل دوري وخلال مدة زمنية متفق عليها مع توجهات "المركزي".2- عدم قبول عضوية أي مرشح لمجلس إدارة شركة استثمارية ما إلا بموافقة مسبقة من قبل "المركزي" تماماً كما يحدث مع البنوك، فمن غير المنطقي أن تعمل الشركة في القطاع المالي وتتبع سلطة رقابية واحدة مع البنوك وفي نفس الوقت تختلف المعاملة بين القطاعين!ويجب على "المركزي" سن شرط جديد يحتم على الشركات الاستثمارية القيام بإرسال أسماء المرشحين لعضوية مجالس إداراتها مسبقاً وقبل انعقاد الجمعية العمومية لها بفترة زمنية يراها مناسبة لدراسة الأسماء المرشحة ويقرر ما إذا كانت تستحق العضوية أم لا، كما أن شروط قبول العضوية هي نفسها المطلوبة لدى مرشحي البنوك، مثل وجود خبرة مسبقة وعدم وجود أحكام قضائية وغيرها من الشروط الأخرى. 3- يجب على "المركزي" ممارسة ضغوط أكبر على جميع الشركات الاستثمارية التي يرى أنها في حاجة إلى عملية اندماج مع غيرها أو تصفيتها، فصحيح أن القرار النهائي خاضع لتصويت الجمعية العمومية للشركة، لكن "المركزي" بيده ممارسة السلطة الممنوحة له وفق القانون بطرح فكرة الاندماج أو التصفية على المساهمين وشرح المعوقات والصعاب التي تواجهها شركتهم وأدت إلى اتخاذ مثل هذا القرار.4- الحد من تفريخ الشركات التابعة، وعدم تأسيس أي كيان تابع سواء كان استثماريا أو غيره مثل العقاري أو الخدمي إلا بموافقة مسبقة من "المركزي" نفسه، فطالما أن المالك الرئيسي شركة استثمار فإنها يجب أن تخضع لشروط "المركزي"، كما هي الحال مع البنوك المنطوية تحت رقابته.فهل يعقل أن يتم تأسيس العديد من الشركات التابعة دون وجود جدوى اقتصادية واستثمارية فعلية منها ولمجرد كونها شركة تابعة، أي باختصار "شركات ورقية" لا نشاط تشغيليا حقيقيا لها ما عدا المضاربة في سوق الكويت للأوراق المالية أو اسواق أوراق مالية أخرى، وجعلها عبارة عن "محفظة" مالية للشركة الأم! 5- "المركزي" مطالب أكثر من أي وقت مضى بضرورة الضغط على الشركات في ما يتعلق بعمليات الإفصاح، خصوصاً في ما يتعلق بالإفصاحات عن عملائها التي تدير أصولهم التابعة ومحافظهم المملوكة لهم، فمن المهم جداً أن يعلم جميع المساهمين والمستثمرين عن هوية العملاء التي ترتبط معهم الشركات عن طريق إدارتها لأصولهم وأموالهم.كما أن قواعد الإفصاح القانونية ضعيفة، بل وتكاد تكون معدومة الجدوى والفاعلية، فإن كان عملاء الشركة هم شركات استثمارية أخرى، فلماذا تتخفى تلك الشركات تحت مسمى عملاء؟6- من أكثر الممارسات التي اكتشفنا خطورتها أثناء الأزمة، وهي الاعتماد بشكل كبير على القروض قصيرة الأجل، وهو ما يتطلب وقفة حازمة من "المركزي" لتشديد الرقابة بشكل أكبر عما كان في السابق بشأن هذا الموضوع، وضرورة دراسته لقروض الشركات وضمان عدم تجاوزها حدود "المعقول"، فمن المنطقي أن تكون القروض طويلة الأجل مخصصة لاستثمارات طويلة الأجل والقروض قصيرة الأجل مع استثمارات قصيرة الأجل، لا أن يختلط هذا بذاك ويحدث ما رأيناه كثيراً خلال الأزمة، وهو التزام معظم الشركات بقروض قصيرة الأجل كانت مخصصة لاستثمارات طويلة الأجل!7- يجب ان يقوم "المركزي" بوضع شروط أصعب لإصدار تراخيص لتأسيس شركات استثمارية جديدة، فعلى سبيل المثال يجب أن يقوم بزيادة رأس المال المطلوب من 15 مليون دينار إلى مستوى أكبر يراه مناسباً بنظره لكي يضمن بشكل أكبر ان الشركة الجديدة لن تكون "فرخاً" لشركة أم أخرى.8- الزام الشركات الاستثمارية بتقديم الخدمات الاستثمارية بشكل أكبر من الفترات السابقة، والعمل على أن يكون نشاط الشركة وإيراداتها التشغيلية مقسمة على نحو 50 في المئة كإيرادات تقديم خدمات استثمارية متنوعة و50 في المئة الأخرى استثمارات الشركة نفسها.تنويه... للمهتمينبالتأكيد فإن حديث التقرير عن تصرفات الشركات لا يعني أنها كانت تصرفات متعمدة، فلا يمكننا الخوض في "نيّات" إدارات تلك الشركات، كما أننا عندما نتحدث عن شركات الاستثمار فلا يعني أننا نتحدث عن "جميع" تلك الشركات بل بالتأكيد عن الأغلبية، حتى لا نتهم من قبل احد ويقال إن الإعلام الاقتصادي كان سبب الأزمة المالية والمساهم الرئيسي في "تضخيمها".