المنسي قنديل... ليس منسياً
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
غضب الأخوة في مصر بعد فقدان الجائزة الثالثة يجب ألا ينصب على الجائزة أو أعضاء لجنة التحكيم، وبطبيعة الحال يجب ألا ينصب على الفائز بها. ولكن يجب توجيه هذا الغضب النقدي، إذا جاز التعبير، إلى تغليب الفكر على العاطفة. فإذا كان غضب الأخوة المصريين سببه فوز كاتب من خارج مصر بالجائزة، وهو ما أستبعده، فإن ذلك يعني أن الجميع غاضب باستثناء الأخوة السعوديين. أما إذا كان الغضب الأدبي في مصر سببه آليات الجائزة والقائمين عليها فإن ذلك نقاش منطقي يحق لجميع الأدباء، وليس في مصر فقط، أن يقوموا به. لأن الجائزة أخذت أسباب وجودها من جائزة عالمية لها وقارها وهيبتها، وعلى الأدباء في كل الوطن العربي أن يتدخلوا لترميم الخلل الذي حدث في السنوات الماضية. وهو خلل يدل على عدم خبرة القائمين على الجائزة أو على ابتعاد الهدف الأدبي السامي عن مخيلتهم. الصوت الأجمل في نقاش الأدباء في مصر وتقييمهم لجائزة البوكر جاء من روائي نافس على الجائزة وخسرها لمصلحة زميله عبده خال، ورغم ذلك لم يقف مع الدعوات التي صدرت لمقاطعة الجائزة، بل أصر على أن يتقدم الكتاب الكبار والشباب للجائزة وعدم مقاطعتها. وهو صوت أقف معه وأحييه ليس لأنني أعرف صاحبه وأعرف حقيقة الأديب فيه وإنما لأنه صوت عاقل ابتعد عن عاطفته، وتخلى عن الشخصانية للمصلحة الأسمى. محمد المنسي قنديل أحد رجالات الأدب الذين عملوا طويلا في خدمة الثقافة في مصر والكويت. رجل يجمع الأدب والتأدب، وها هو هنا يبدو أكثر عقلا وتبصرا من زملائه. كانت رواية المنسي قنديل مرشحة بقوة للجائزة، وهو الأقرب اليها وأكاد أجزم أنه حرم منها لأننا أدخلنا سلوكنا العربي في التقييم. فليس من حق مصر أن تفوز ثلاث مرات متتالية بالجائزة. وهذه نظرة قاصرة لا تحترم الجهد والإبداع الشخصي للكاتب. فلا يعني بلد الروائي شيئا ولا يهم اللجنة بشيء. لم يكن المنسي قنديل مبارزا مصريا يدخل في نزال مع زملائه رافعا علم بلده. كان كاتبا فقط مع مجموعة من الكتاب. وليس من حق اللجنة التحكيمية أن تقرأ بطاقة هويته أولا ثم تقرأ روايته. ورغم خسارته وربما مرارته بقي المنسي أكبر من الجائزة، وسيبقى كذلك مثالا طيبا للكثير من الأدباء الشباب.