يبدو أن هناك غزوا كاسحا للانتخابات في أنحاء العالم خلال شهري مايو ويونيو، فخلالهما جرت وستجرى انتخابات في كل من الهند وبنما والكويت وليتوانيا ولبنان والاتحاد الأوروبي وايران وهاييتي وغينيا بيساو وألبانيا والمغرب.

Ad

وبغض النظر عن نوعية تلك الانتخابات سواء أكانت رئاسية أم برلمانية أم محلية، وبصرف النظر عن الملاحظات على كفاءة الانتخابات في هذا البلد أو ذاك، ومدى اقترابها أو ابتعادها من الديمقراطية الحقيقية، فإنها تأتي في إطار تحولات سياسية تعم العالم، يتعود الناس فيها على قدر من المرونة والاختلاف، ومن ثم الاحتكام إلى صندوق الاقتراع بدلا من السلاح.

وتحسم اليوم الانتخابات الايرانية الرئاسية العاشرة، الأكثر إثارة وأهمية بين الرئيس الإيراني الحالي محمود أحمدي نجاد والمرشح الأبرز تنافسيا مير حسين موسوي، بالإضافة إلى مهدي كروبي ومحسن رضائي.

ولعل الملاحظة الأبرز في الانتخابات الايرانية هذه المرة الاستخدام المكثف للاعلام والإنترنت.

فهناك ما يقارب الاربعمئة الف بلوغرز ايراني باللغة الفارسية، وقد زاد استخدام الانترنت في ايران بنسبة تسعة آلاف في المئة منذ سنة 2000، ويستخدم حوالي ثلث الايرانيين الانترنت اليوم، وأكثرهم مهتمون بالشأن السياسي، فقد ارتفع البحث عن أحمدي نجاد باللغة الفارسية خلال الأشهر الثلاثة الماضية بنسبة 350 في المئة، كما زاد البحث عن كلمة انتخابات بنسبة 950 في المئة، أما البحث عن كلمة موسوي فقد ارتفع بنسبة 1300 في المئة، أما كلمة مناظرة فقد وصلت إلى مرحلة الانكسار من شدة الضغط على محرك بحث غوغل، وكان سبب البحث عن كلمة مناظرة بسبب المناظرات الرئاسية بين المرشحين، والتي كانت اسلوبا جديدا ومثيرا للغاية، حيث بلغ عدد مشاهدي مناظرة احمدي نجاد وحسين موسوي أكثر من 40 مليون مشاهد، علما بأن عدد الناخبين المسجلين هو حوالي 46 مليون ناخب، ويكفي أن نقارن ذلك بالانتخابات الاميركية حيث شاهد مناظرة باراك أوباما وجون ماكين حوالي 57.4 مليون مشاهد، علما بأن هناك 142 مليون ناخب اميركي مسجل.
أما الظاهرة الجديدة الأخرى فقد كانت ظهور السيدة زهرة راهنا فارد بقرب زوجها، بل متقدمة على زوجها المرشح مير حسين موسوي، وهي فنانة تشكيلية ومؤلفة لـ 15 كتابا ومتحدثة جيدة، وكان تعليقها ذا مغزى حين قالت تعقيبا على سؤال بشأن إن كانت هي ميشيل اوباما إيران، «ولمَ لا تكون ميشيل اوباما هي زهرة راهنا فارد أميركا؟!».

وبصرف النظر عن حدة التراشق الإعلامي بين المرشحين، واستخدام الفتاوى الدينية وبالذات ضد المرشح موسوي،

والاتهامات بشأن احتمال التزوير من خلال اصدار بطاقات انتخابية اضافية، والصلاحيات المتاحة للرئيس المنتخب، فإن المشهد الانتخابي الايراني الحالي يستحق التقدير، وهو الطريق الوحيد لإحداث الاصلاحات الجذرية المطلوبة على النظام السياسي الايراني، فمهما كانت هناك عيوب في الديمقراطية وجوانب قصور، فلا سبيل إلى اصلاحها إلا بمزيد من الديمقراطية.
وعسى أن تنتشر عدوى الديمقراطية في منطقتنا الجدباء، فبالتأكيد انها ستكون أفضل من إنفلونزا الخنازير التي أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها تحولت إلى وباء عالمي.