وضع مرتخٍ وبلد ضائع


نشر في 04-11-2009
آخر تحديث 04-11-2009 | 00:01
 أحمد عيسى ما يحدث في الكويت مأساة متحققة، وهناك مسؤولية مفترضة للنظام، كونه مساهماً وشريكاً في إدارة دفة الدولة، وهو ما يضعه في دائرة المسؤولية عما يحدث، وحالة الارتخاء التي يتعامل بموجبها مع الملفات الرئيسة المطروحة تثير التساؤلات حول قدرته على مواجهة التحديات الفعلية التي تواجهها الدولة.

تعاني الكويت منذ ثلاث سنوات حالة شلل غريبة، ارتخى فيها النظام، وغاب القرار واختفت الرؤية، وطغى البرلمان إلى حد الزحف على سلطات الحكومة.

مؤلم أن تتصدر قضايا وملفات إسقاط القروض واستقالة وزير الداخلية، واستجواب وزير الأشغال، وتجنيس جميع غير محددي الجنسية، سلم الأولويات، ويدفع بها أطراف لتكون محل خلاف وجدل، في الوقت الذي تعاني الكويت تراكمات ومشاكل حقيقية.

خلال هذا العام تفتحت أربعة ملفات خطيرة، إلا أنها لم تجد من يتأملها ويعالجها بشكل متزن، أولها ازدواجية الجنسية بما حمله من طعن ولمز طاول ولاء مواطنين كويتيين، ومثله الطائفية، وكذلك تفشي الفساد وترهل مرافق الدولة، وأخيراً غياب الأجندة والقرار الحكومي، ليؤدي ذلك إلى حضور المطالبات الشعبية، وزحف النواب على صلاحيات الوزراء، بما ساهم في تشويه الديمقراطية كمنهج، وأساء لنموذج دولة الكويت المدنية الديمقراطية، على يد نواب غير مدركين لمسؤولية دورهم، وخطورة وأبعاد ما يقومون به.

فوضى ما يحدث لم تدهشنا حينما انتهى تجمع معني بالبيئة أقامه مواطنون بما أسموه «مفاجأة» تتلخص بملف جاهز لاستجواب رئيس مجلس الوزراء، والأخطر أن يتبناه نواب دون أن يقرؤوا منه صفحة واحدة، فأي عبث من الممكن أن نمارسه في حياتنا السياسية.

نائب عنده مشكلة مع وزير، تتعطل البلد بسببهما، وتزيح مشكلتهما ما عداها من قضايا، مع العلم أننا لو رجعنا إلى النظام الديمقراطي لوجدنا أن الأساس للأغلبية وليس الفرد، لكن الحالة التي نشهدها هي العكس تماماً، فقد تحولت الديمقراطية الكويتية لتعطي القرار للفرد بدلاً من المؤسسة، وللفرد بدلاً من الأغلبية.

ما يحدث في الكويت مأساة متحققة، وهناك مسؤولية مفترضة للنظام، كونه مساهماً وشريكاً في إدارة دفة الدولة، وهو ما يضعه في دائرة المسؤولية عما يحدث، وحالة الارتخاء التي يتعامل بموجبها مع الملفات الرئيسة المطروحة تثير التساؤلات حول قدرته على مواجهة التحديات الفعلية التي تواجهها الدولة.

في كويت اليوم تماد إعلامي وطغيان ديني وزحف نيابي على الحكومة، يتطلب التعامل معه من قبل جميع الأطراف بحرفية ووفق منهج يعزز الديمقراطية ودور المؤسسات تحت مظلة الدستور، إذا كان هناك توجه بالإبقاء على الدولة، والتعامل معها على أنها وطن دائم وليس كياناً مؤقتاً.

back to top