ما زالت ردود الأفعال، وعلى أكثر من صعيد، متواصلة حول ما أثير عن ضبط شبكة تجسس تعمل لمصلحة الحرس الثوري الإيراني في البلاد، إذ علمت "الجريدة" من مصادر مطلعة أن "الكويت بدأت اتصالات دبلوماسية مع الجانب الإيراني على خلفية هذه القضية التي كانت السفارة الإيرانية أحد أطرافها".

Ad

وأوضحت المصادر أن "تلك الاتصالات تتم بسرية تامة للحيلولة دون حدوث ضجة إعلامية"، لافتة إلى أن "البلدين حريصان على عدم تعكير صفو العلاقات، وأن طهران نفت علمها بأي شبكة تجسس داخل الكويت".

وبينما استغرب عدد من النواب صمت الحكومة وعدم إصدارها بياناً يوضح حقيقة هذه القضية، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير المواصلات وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة د. محمد البصيري في وقت لاحق أن الأجهزة الأمنية المعنية بحكم واجبها تقوم بالتحقيق بشأن كل ما يرد إليها من معلومات، بما في ذلك ما جرى تداوله أخيراً، في إشارة إلى الشبكة الإرهابية، مبيناً أن الأجهزة الأمنية تقوم باستكمال تحقيقاتها وإجراءاتها تمهيداً لإحالتها إلى القضاء، بهدف الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها.

وأعرب البصيري عن الأسف إزاء التعامل الإعلامي "مع مسألة تتعلق بأمن الدولة، بما تناولته من تفاصيل وأمور لا تتسم بالدقة، ونسبتها إلى مصدر مسؤول"، مشدداً على أنه لم يصدر عن أي جهة أو مصدر مسؤول أي تصريح أو بيان في هذا الشأن، وأن "الأجهزة الأمنية تمارس واجباتها ومهامها بصورة يومية معتادة في إطار أحكام القوانين السارية، وما تستوجبه مقتضيات المصلحة الوطنية، كما تقوم بإحالة أي قضايا تنطوي على مساس بأمن الدولة واستقرارها إلى القضاء، بعد استكمال كل أركانها وأدلتها وجميع الجوانب المتعلقة بها".

ودعا البصيري وسائل الإعلام المختلفة إلى "ضرورة تحري الدقة في نشر وبث أي معلومات تتعلق بأمن الدولة، والتزام التعامل الوطني المسؤول معها، والرجوع دائماً إلى الجهات المعنية لأخذ المعلومات من مصادرها الرسمية".

من جهتها، أصدرت السفارة الإيرانية في الكويت بياناً نفت فيه علاقتها بشبكة التجسس الإيرانية، مبينة أن "هذه الاتهامات تهدف إلى زعزعة العلاقة بين البلدين"، مشيرة إلى أن "ما ينشر في الصحف ووسائل الإعلام العربية من أخبار مفبركة وتهم جارحة تتعمد المس بسمعة إيران بغية تضليل الرأي العام، يدخل في إطار الحرب النفسية والإعلامية ضد الجمهورية الإسلامية، وهدفه تحويل الأنظار عن الخطر الحقيقي الذي يهدد المنطقة، ألا وهو الكيان الصهيوني الغاصب".

وأضافت أن "النهج السياسي العام للجمهورية الإيرانية بالنسبة لدول الجوار، ولا سيما دولة الكويت الشقيقة والصديقة، مبني على الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية"، مؤكدة أن "الاتهامات المذكورة لا أساس لها من الصحة، ويتم توجيهها عبر بعض الدول التي تكن العداء لإيران، من أجل تأخير الخطوات الجارية في سبيل تعزيز الثقة وتمتين العلاقات الثنائية المزدهرة يوماً بعد يوم"، داعية الجميع إلى "توخي الحذر من الدسائس التي يحيكها أعداء البلدين، لكي لا نكون ضحية الادعاءات المغرضة والمزاعم المجافية للواقع".

وعلى الصعيد النيابي، طالب غير نائب بعقد جلسة خاصة لمناقشة هذه القضية وموضوع الاختراقات الأمنية.

ودعا رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي الحكومة إلى المبادرة في إصدار بيان واضح "تذكر فيه ما يمكن الإفصاح عنه من نتائج التحقيقات".

وصرح الخرافي في مجلس الأمة أمس بأنه يأمل "ألا يوجد لإيران أو أي دولة أخرى مثل هذه الخلايا"، مشيراً إلى أن العلاقة الإيرانية - الكويتية متميزة "الأمر الذي لا يتطلب على الإطلاق تواجد أي خلايا من شأنها التأثير في هذه العلاقة".

ومن جانبها، أصدرت كتلة التنمية والإصلاح بياناً أشادت فيه بدور وزارة الداخلية وجميع الأجهزة التي ساهمت في تفكيك الشبكة، ودعت الحكومة إلى عدم المجاملة على حساب أمن البلد.

وطالب الناطق الرسمي باسم الكتلة د. فيصل المسلم، الحكومة بسرعة كشف تفاصيل القضية والتحقيقات الخاصة بها، مستغرباً "الصمت الحكومي تجاه هذه القضية وغياب الناطق الرسمي باسم الحكومة أو وزير الخارجية".

بدوره، شدد النائب محمد هايف المطيري على أنه "إذا استمر الصمت الحكومي تجاه شبكة التجسس فلن نتردد في المطالبة بجلسة خاصة لمناقشة الاختراقات الأمنية، وحينها سيتحمل كل نائب مسؤوليته الوطنية".

ودعا هايف إلى وقف الاتفاقيات كافة مع إيران "وسحب السفير الكويتي من إيران، وطرد سفيرها من البلاد كخطوة أولى تتخذها الحكومة في الاتجاه الصحيح".

أما النائب د. وليد الطبطبائي فأكد أن "الخطاب الإيراني يتسم في الفترة الأخيرة بالعدوانية والأطماع في الخليج العربي، ويبدو أن الأمور تتجه نحو زرع خلايا وتجنيد أشخاص من خلال إغرائهم بالأموال بهدف توفير المعلومات المطلوبة".

وأبدى الطبطبائي استغرابه "من عدم صدور بيان رسمي عن وزارة الداخلية يعلن إلقاء القبض على تلك الخلية"، معتبراً هذا السكوت "في غير محله".

وطالب النائب شعيب المويزري الحكومة بإيضاح الواقعة "وإذا ثبتت فلا بد من التصرف بحزم والطلب من السفير الإيراني مغادرة البلاد".

إلى ذلك، قالت مصادر أمنية مطلعة لـ"الجريدة" إن "التحقيقات التي تجريها أجهزة الأمن مع المتهمين في خلية الحرس الثوري الإيرانية، كشفت أن عمر الخلية في الكويت أكثر من سنة، وأن تجنيدهم تم من قبل الحرس الثوري الإيراني"، مبينة أنهم "قاموا خلال هذه الفترة بإرسال العديد من المعلومات عن المواقع العسكرية الكويتية والأميركية إلى قيادات الحرس الثوري".

وأضافت المصادر أن "المتهمين سعوا خلال فترة عملهم إلى تجنيد المزيد من العناصر المنتسبين إلى وزارتي الدفاع والداخلية من خلال إغرائهم بالأموال وإعطائهم منازل ومعاملتهم معاملةً خاصة في إيران"، مشيرة إلى أن "المجندين تلقوا مكافآت نظير انضمامهم إلى الخلية".

يذكر أن الخلية التي فُكِّكَت في الكويت، على حد قول المصادر، تضم كويتيين وغير محددي الجنسية وعرباً وإيرانيين، اعتقل منهم سبعة متهمين بينهم ضابط برتبة رائد في وزارة الداخلية، وضُبطت  معهم مخططات لمواقع عسكرية مصورة وكشوف بأسماء ضباط وعسكريين وكشوف بكميات الأسلحة التي تحتفظ بها الكويت، إضافة إلى 250 ألف دولار ومراسلات وكمبيوترات وأجهزة اتصالات خاصة بالأقمار الصناعية.