يروى أن رجلاً جاء ذات يوم إلى جار له ليستعير منه حبلاً ينشر عليه بعض ثيابه، فطرق الباب على جاره، فلما خرج الجار قال له: «أبو فلان ممكن تعيرنا الحبل كم ساعة ونرجعه لكم»، فقال الجار: «والله الحبل مالنا مشغول حاطين عليه الغدا»، فتعجب الرجل من قول جاره، وسأله: «يا معود الغدا شلون يحطونه على الحبل»، فقال الجار: «والله إذا تبي عذر العذر موجود، وإذا تبي حبل الحبل بالسوق»، فأصبح قوله مثلاً لمن يتهرب من إنجاز ما هو مطلوب منه بأعذار واهية.

Ad

هذا المثل ينطبق على الأسباب التي ساقتها الحكومة في الاعتراض على مقترح إسقاط فوائد القروض، فمن ضمن حجج الحكومة في رفض المقترح قولها إن المقترح المقدم يخالف الشريعة الإسلامية. لو اقتصرت الحكومة في معارضتها على القول إن تكلفة المقترح المالية عالية لكان مقبولاً منها ذلك، لكن أن تتحجج الحكومة بأن المقترح يخالف أحكام الشريعة الإسلامية فهذه «قوية». متى كانت الحكومة تراعي القضايا الشرعية في أعمالها ومشاريعها حتى تأتي الآن وتهتم كل هذا الاهتمام بالرأي الشرعي؟ وأين كان تدينها عندما كانت البنوك تنهب جيوب المدينين بالفوائد الربوية؟ أم أنها من الآن فصاعدا سوف تتدين وتلزم أعضاءها بتقصير ثيابهم وإطالة لحاهم، بحيث تضم من بين وزرائها سماحة المفتي مصطفى الشمالي، والداعية محمد البصيري والخطيب روضان الروضان؟!

كما توقعنا بعد انتهاء جلسة الاستجوابات الأربعة التي تفوقت فيها الحكومة بدعم أغلبية النواب بأنها لن تستثمر هذا النجاح، وأنها سرعان ما ترتكب أخطاء تؤلب عليها النواب مرة جديدة، وبالفعل تحقق ذلك، فمعارضة الحكومة للمقترح سوف يجعلها تصطدم مع من رموا لها طوق النجاة.

الحكومة ومن يؤيدها في رفض مقترح إسقاط القروض يدعون أن المقترح يفتقر إلى المساواة والعدالة بين المواطنين، وأنه يحمل المال العام كلفة عالية، والحق أن في ذلك خلطاً ومغالطة، فكلام الحكومة والمعارضين للمقترح الجديد على حق لو كانت المطالبة بإسقاط أصل الدين، أما إسقاط فوائد القروض التي تراكمت على المواطنين بسبب جشع البنوك وتواطؤ البنك المركزي في تغاضيه عن البنوك في إرهاق المواطنين المدينين بالفوائد الجائرة، فهو أقل ما يمكن أن تكفر به الحكومة عن تقاعسها في حماية مواطنيها من جور البنوك.

المقولة الغريبة الأخرى التي يتمسك بها المعارضون لإسقاط فوائد القروض هو أن المقترح يحمل المال العام كلفة عالية، وهنا نقول حتى لو كان ذلك صحيحاً فإن المال العام إنما وضع لحل مشاكل البلد، وإلا ما فائدة هذا المال إذا لم يحل مشاكل الناس، فهل وضع المال العام «لنأخذ معه صورا تذكارية» أم لنستفيد منه؟! والأغرب من ذلك من يقول إن مقترح إسقاط القروض له أهداف شعبوية، وكأن القضايا الشعبوية وتلمس حاجات الناس أصبح سبة يجب التبرؤ منها. القضايا الشعبوية المرفوضة يا سادة يا كرام هي تلك المطالبات غير المبررة، أما القضايا الشعبوية التي تنصف الناس وتحميهم من الجشع فهي قضايا يجب على جميع النواب تبنيها.

المفارقة الغريبة في موقف الحكومة أنها تصف النواب المؤيدين لمقترح إسقاط فوائد القروض بأنهم «شعبويون» وأنهم لا يراعون مصلحة البلد، في حين أنها كانت تصف قسماً كبيراً منهم بالحكماء والعقلاء عندما وقفوا معها في معركة الاستجوابات، فيا سبحان الله كيف تحول «العقلاء والحكماء» بين يوم وليلة إلى متهورين لا يراعون مصلحة البلد، وكأن الحكومة بهذا الموقف لا تعرف كيف تحافظ على مناصريها، وفي المقابل سوف يكون مؤيدو الحكومة من النواب في موضع حرج بعد أن خذلتهم الحكومة وأعطتهم «طاف».

 

تعليق: مع تقديرنا واحترامنا لتاريخ ومواقف النائب أحمد السعدون إلا أننا نعتب عليه في المبالغة في الفترة الأخيرة بالتهديد باستجواب رئيس الوزراء في الشاردة والواردة، ونتمنى ألا يكون «المعارضون الجدد» نجحوا في استدراجه لتحقيق ما يريدون بحيث يكون السعدون لهم مثل «حصان طروادة».

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة