ما حصل في الأردن بالنسبة إلى اعتقال اثنين من الناشطين السياسيين هما الكاتب اليومي في صحيفة "العرب اليوم" موفق محادين، والموظف السابق في الحكومة الأردنية سفيان التل، هو أن الأول وصَفَ إرهابي حادثة "خوست" في أفغانستان التي استشهد فيها الضابط في المخابرات الأردنية علي بن زيد بأنه شهيد، وضحية تلك العملية الإرهابية بأنه "قتيل"، بينما اتهم الثاني وحدات الجيش العربي الأردني العاملة في قوات حفظ السلام الدولية العاملة في هايتي بأنها مرتزقة.
كان الأول قد تحدث بما تحدث به إلى فضائية معروفة بقيت تستهدف الأردن منذ لحظة إنشائها في عام 1996 وحتى الآن، وهو يعرف أن الحكومة الأردنية قد سنَّت قانوناً بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 لمواجهة الإرهاب انسجاماً مع التوجه العالمي المستجد بهذا الخصوص يتضمن نصّاً صريحاً باعتبار أي إشادة بأي إرهابي أو أي منظمة إرهابية جريمة تستدعي إحالة مرتكبها إلى محكمة أمن الدولة التي تنظر عادة في القضايا المتعلقة بأمن الدولة.وبهذا فإن خطيئة -وليس خطأ- هذا الكاتب، الذي من المفترض أنه قد اطَّلع على هذا القانون ويعرفه، هي أنه لم يكتفِ بالإساءة إلى أهل الشهيد، الذي ذهب إلى أفغانستان في مهمة أمنية في إطار مقاومة الإرهاب ومطاردته في كل مكان والذهاب إليه، حيث توجد قواعده ومعسكراته الأساسية، حتى لا يأتي إلينا ويرتكب جريمة كجريمة الفنادق الشهيرة التي سقط فيها أكثر من ستين بريئاً معظمهم من الأطفال والنساء، بل تقصَّد الإشادة بإرهابي كان من الممكن لو أنه لم يُقتل في عملية "خوست" أن يقود عملية ويضرب قلب عمان كهذه العملية الآنفة الذكر التي قادها وأشرف عليها أبومصعب الزرقاوي.هذا بالنسبة إلى الأول، أما الثاني فإنه تجاوز كل الحدود وتعدَّى كل القوانين النافذة، لا في الأردن وحده، وإنما في العالم بأسره، التي تمنع أيّ مسٍّ بالجيوش والقوات المسلحة، عندما وصف جنود وضباط وحدة الجيش العربي (الأردني) التي تعمل في إطار قوات حفظ السلام الدولية بأنهم "مرتزقة" وحقيقة فإن هذه التهمة قد جرحت أفئدة الأردنيين كلهم وأساءت إلى مشاعرهم الشخصية والوطنية، خصوصا أن عدداً من هؤلاء الجنود والضباط قد عادوا شهداء إلى شعبهم وذويهم ووطنهم بعد أن سقطوا أثناء تأدية واجبهم الإنساني خلال زلزال هايتي الأخير المدمر والذي تسبب في مأساة بشرية.لذلك فإنه أمرٌ طبيعي أن تجرى إحالة هذين الشخصين إلى محكمة أمن الدولة بعد إقامة دعوى عليهما بهذا الخصوص من قبل عدد من متقاعدي الجيش العربي (الأردني)، فالمسألة لا يمكن إدراجها تحت بند وجهة نظر ولا تحت بند "الرأي والرأي الآخر" فالإشادة بالإرهاب والإرهابيين لا يمكن، خصوصا في هذا الوقت وفي هذه الظروف، إدراجها تحت بند الحريات العامة، ووصف أفراد وضباط وحدة عسكرية تقوم بواجب إنساني وهي في حالة اشتباك من أجل ضمان واستقرار دولة تتمتع بعضوية المجتمع الدولي والأمم المتحدة بأنهم "مرتزقة " لا يجوز التساهل معه ويجب الاحتكام بشأنه إلى محكمة أمن الدولة لا إلى المحاكم المدنية.
أخر كلام
الأردن... لهذا كان الاعتقال!
14-02-2010