بعد تراجعه أمام الفضائيّات والإنترنت سكر هانم أعادت إلى أبو الفنون عزّه
يثير نجاح مسرحية {سكّر هانم}، إخراج د. أشرف زكي، التي تعرض راهناً في القاهرة ويشارك فيها أبطال الزمن القديم، لبنى عبد العزيز وعمر الحريري، وفنانو الزمن الحديث، أحمد رزق وروجينا وإدوارد وغيرهم، جملة أسئلة حول أسباب جذب هذه المسرحية الجمهور بعدما أعرض طويلاً عن ارتياد المسرح ولم تعد المسرحيات تستحوذ على اهتمامه.إلى أي مدى تساهم وسائل الإعلام، لا سيما الفضائيات والإنترنت، في تشكيل هوة بين الجمهور وبين هذا الفن؟ بتعبير آخر هل استطاعت هذه الوسائل سرقة جمهور المسرح؟ {الجريدة} طرحت السؤال على نخبة من الأختصاصيين.
يؤكد المخرج والفنان د. أشرف زكي، رئيس البيت الفني للمسرح، أن أسباب تراجع المسرح تتعلق بالجمهور بوصفه نقطة الفصل بين النجاح والفشل في أي عمل فني، وأن هذا الفن في طريقه إلى التصالح مع الجمهور. أما الممثّل نور الشريف فيوضح أن للمسرح سحره الخاص الذي لا يمكن أن يخفت أو ينتهي لأي سبب، يقول: {صحيح أن الفضائيات تجذب الجمهور بالدراما التي تقدّمها وتصل إليه من دون عناء، لكن لا يعني ذلك أن المسرح مهمل، على العكس، سيظل حالة فنية وإنسانية خاصة، بكل أجوائها وطقوسها، تخترق النفس وتحمل نوعاً من الانتعاش الذي يحتاجه المسرح بالفعل ليكون أقوى وأكثر حضوراً}.حالة سيّئةتوضح الناقدة ماجدة موريس أن المسرح المصري يحتاج إلى عناصر متميزة تحفّز الجمهور على متابعته، خصوصاً أن هذا الأخير متفهّم لرسالة المسرح وقادر على تذوّق الثقافة المسرحية، {لكن أدى هبوط مستوى المسرح إلى انصراف الجمهور عنه}. تضيف موريس: {لم تعد الجامعات المصرية والمعاهد الفنية {تفرّخ} أجيالاً تتحمّس الى المسرح، لا سيما بعدما ضرب التطرّف المجتمع في السنوات العشرين الماضية واستقطبت الدراما التلفزيونية النجوم لأنها تحقق لهم شهرة واسعة وتكسبهم مبالغ طائلة من خلال عمل واحد، على عكس المسرح... وقد تفاعلت هذه العناصر مع بعضها وأدت إلى تراجع المسرح المصري}. غير أن موريس تؤكد أن المسرح المصري لن يختفي بفعل وجود السنيما والفضائيات، {فثمة محاولات جيدة وإن كانت قليلة نجحت في جذب الجمهور إلى المسرح مثل مسرحيّتي {خالتي صفية والدير} و{سكّر هانم}، لذا لن يندثر المسرح المصري}.في المقابل، يصرّح المنتج أحمد الإبياري، نجل الراحل أبو السعود الإبياري مؤلف نص {سكّر هانم} الأصلي، أن حالة المسرح سيئة وتكمن المشكلة في النصوص، لذا فكّر بتقديم المسرحية في محاولة لإعادة الثقة بين الجمهور والمسرح مجدداً، {ما يؤكد ضرورة أن نولي مسرحنا بعض الاهتمام وأن المسرح المصري لم يمت لأنه يستقطب جمهوراً ما زال يعشقه}.أزمة ضميريرى المخرج المسرحي عادل عبده أن الأزمة الحقيقية هي أزمة ضمير: {لو أن كل شخص يؤدي عمله على أكمل وجه تنتفي أسباب الأزمة، لذا لا بد من أن يضاعف المهتمون بشؤون المسرح جهودهم للنهوض به}.يضيف عبده: {يضيّع المخرج المسرحي جزءاً كبيراً من الوقت المخصّص للإبداع في تفاصيل إدارية ومالية مملّة، إضافة إلى وقوعه في الروتين ما ينعكس سلباً على المسرح}.في هذا السياق، يشير الممثّل والمخرج د. أحمد حلاوة، إلى أن النص المسرحي أبعد الجمهور عن المسرح: {لا يجب اختيار نص غير مفهوم لأنه يؤدي غالباً إلى تدهور أحوال المسرح، في حين أن النصوص الجيدة لا تجد الفرصة لتقديمها، بسبب الواسطة و{الشللية}، والنتيجة مسرحيات ركيكة وغير مطابقة للمعايير وتعتمد على الأهواء الشخصية}.بدوره، يلاحظ صلاح حافظ، مصمّم ديكور مسرحيات عدة، أن الأزمة التي يمرّ بها المسرح المصري سببها النص بوصفه وليد المجتمع، يوضح: {لا تتوافر راهناً نصوص تمسّ المجتمع ككل، بالأحرى النصوص المقدّمة اليوم لا علاقة لها بالواقع}.أخيراً، تؤكد الناقدة ناهد عز العرب أن وسائل التكنولوجيا والفضائيات قادرة على سرقة الجمهور من المسرح، بمعنى أدقّ استطاعت كسب المتلقّي عبر التنوّع في البرامج وتعدّد القنوات التي تتسابق على تقديم وجبة دسمة له: {ساهم هذا الواقع في عزوف المتلقّي عن حضور المسرح على رغم مما لهذا الأخير من تأثير مباشر لا يمكن أن يشعر به الجمهور الذي يتابع الفضائيات}.