تقوم نظرية سيادة الأمة على اعتبار الأمة وحدة واحدة، دائمة ومجردة ومستقلة عن أفرادها، وتعتبر هيئة الناخبين في الانتخابات التي تجرى لاختيار ممثلي الأمة في المجالس التشريعية معبرة عن إرادة هذه الأمة مصدر السلطات جميعاً.

Ad

- معركة المرأة في الانتخابات: كانت معركة المرأة في الانتخابات الأخيرة حامية الوطيس وأثارت الكثير من الغبار، وتركزت ثورتها وحرارتها في قضية حق المرأة في الانتخاب وفي الترشيح، والتي كانت محل فتوى شرعية أصدرتها دار إفتاء في بلد عربي، وهي أن المرأة ليس لها حق في الترشيح أو الانتخاب وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، كما كان الحجاب كذلـك قضية مطروحة على الساحة الانتخابية كذلك.

ولم تكن كل من الدكتورة أسيل العوضي والدكتورة رولا دشتي ترتديان الحجاب في جولاتهما الانتخابية وفي مقارها، رآهما الناخبون والناخبات، على هذا الحال، وصوتوا لهما، آخذين ذلك في الاعتبار.

 

- هيئة الناخبين... القضاء الشعبي لذلك تعتبر هيئة الناخبين بذلك محكمة الأمة الكبرى والقضاء الشعبي الذي يَجري محاكمة المرشحين للنيابة عن الأمة أمامه، فالخصومة في الانتخابات، شأنها شأن الخصومة القضائية، يتجادل أطرافها ويتبارون في جلسات علانية، وعلى صفحات الصحف وفي الديوانيات، ويدلي كل منهم ببرنامجه الانتخابي ويتقاذفون الحجج ويتجادلون في تاريخهم وأعمالهم ومؤهلاتهم وخبراتهم التي تؤهلهم لتمثيل الأمة، والتي يعتقد كل مرشح أنه يتفوق بها على أقرانه من حيث سجل عمله العام، وما قدمه لبلده من خدمات في مناحي الحياة المختلفة ومنظمات المجتمع المدني، ويكون كل هذا هدفاً للانتقاد من خصومة ومن الناخبين الذين يعتبرون بمنزلة المحلفين في هذه المحكمة الكبرى من القضاء الشعبي.

- حكم القضاء الشعبي حتى إذا ما أتم كل مرشح من المرشحين دفاعه، وحانت ساعة الانتخابات تنزلت من السماء كلمة الحق والعدل، في اختيار من رآه الناخبون أفضل من غيره، في حكم أصدرته محكمة الأمة الكبرى، وأصدره هذا القضاء الشعبي بلا معقب عليه، من سلطة من السلطات الثلاث، ولو كانت السلطة القضائية، طالما أن الانتخابات كانت حرة ونزيهة، وكانت الأصوات التي حصل عليها الفائزون والفائزات في هذه الانتخابات صحيحة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها لجان الفرز واللجنة العليـا، في انتخابات أشرف عليها رجال القضاء أنفسهم. ومن هنا فإنه لا يجوز لأي محكمة أن تراجع قرارات واختيارات المحكمة الكبرى، الممثلة في هيئة الناخبين المعبرة عن إرادة الأمة في الحكم الذي أصدرته هذه المحكمة، بانتخاب الدكتورة أسيل العوضي والدكتورة رولا دشتي، والتي فازت أولاهما في هذه الانتخابات بـ 11860 صوتاً، واحتلت المركز الثاني، كما فازت الثانية في هذه الانتخابات بـ 7666 صوتاً، واحتلت المركز السابع.

- الطعن في عضوية أسيل ورولا اقول هذا بمناسبة الطعن الانتخابي المقدم من أحد مرشحي الدائرة الثالثة، ببطلان ترشيح الدكتورة أسيل العوضي والدكتورة رولا دشتي، وبطلان انتخابهما وبطلان عضويتهما، الذي نظرته المحكمة الدستورية أمس وأجلت النظر فيه.

- الإخلال بمبدأ المساواة ومن بين أسباب الطعن مارآه الطاعن من أن التزام المرأة بهذا الشرط دون الرجل، لا إخلال فيه بمبدأ المساواة الذي تنص عليه المادة (29) من الدستور، لأن الحجاب فرض على المرأة دون الرجـل، وهو قول مردود عليه بأنه لا يجوز من الأصل في حق دستور يتساوى فيه الرجل والمرأة فرض تكليف على أحدهما يستحيل فرضه على الآخـر.

فضلاً عن الإخلال بمبدأ المساواة بين امرأة محجبة وامرأة غير محجبة في حق دستوري واحد هو حق الانتخاب أو الترشيح لمجلس الأمة، والتفرقة بين المرأة المسلمة وبين المرأة غير المسلمة في هذا الحق، فهناك عائلات كويتية غير مسلمة. ولا يقتصر الإخلال بالمساواة على الحق الدستوري في الترشيح والانتخاب، بل يمتد الإخلال بالحق في المساواة، إلى الإخلال بالمساواة بين المرأة التي تمارس حقها في الانتخاب والترشيح، وبين المرأة التي تمارس أعمالاً أخرى- طبيبة، أو محامية، أو مهندسة، أو موظفة- فكلهن يتشابهن في مخالطتهن للرجال في أعمالهن. فضلاً عن أن هذه التفرقة تتناقض مع اللقب الذي تحمله المرأة باكتسابها عضوية البرلمان، وهو لقب النائبة المحترمة، ففرض الحجاب عليها وحدها، دون سائر العاملات، هو إهانة لأعضاء البرلمان المحترمين مجتمعين رجالاً ونساء، الذين تحميهم الحصانة البرلمانية ولا سلطان لأي جهة عليهم (مادة 110 من الدستور) وتحميهم الحصانة القضائية من اتخاذ أي إجراء نحوهم من تحقيق أو تفتيش أو قبض أو حبس أو أي إجـراء جزائي آخر إلا بـإذن المجلس، تقديراً لمكانتهم وإعلاءً لقدرهم وشأنهم، بما ينأى بعضوة البرلمان المحترمة عن أن تعلق بها شبهة لا تعلق بغيرها من العاملات في المجالات المختلفة، وهي أن أنوثتها وطهرها لا يجتمعان، وأن دينها لن يعصمها من الانزلاق! وهو ما يطرح سؤالاً يحسن أن تكون الإجابة عنه واضحـة: لماذا فرض الحجاب على الصفوة المنتخبة من الأمة لتمثيلها في البرلمان، ولم يفرض على غيرها، أليست المساواة (حتى) في الظلم عدلاً؟!

- رقابة المحكمة الدستورية هل تبسط المحكمة الدستورية رقابتها على نتيجة الانتخابات التي حصَّلتها إرادة حرة نزيهة عبَّر بها الناخبون عن إرادة الأمة مصدر السلطات جميعها ومنها القضاء والمحكمة الدستورية، بالرغم من أن أحد طرفي الخصومة أمامها هو الأمة مصدر السلطات جميعها وليست المحكمة إلا وكيلة عنها في ممارسة اختصاص السلطة القضائية، ولا يملك الوكيل أن يخالف إرادة الأصيل.

وللحديث بقية في دراسة مفصلة حول حقوق المرأة السياسية وقضية الحجاب، إن كان في العمر بقية.

 

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء