وربة... وأخوه بوبيان
«أشرت في أكثر من مناسبة إلى أهمية قيام مصارفنا الوطنية بالنظر بصورة جادة إلى موضوع الاندماج المصرفي، وذلك كأحد الخيارات المناسبة لإقامة كيانات مصرفية ذات مراكز مالية قوية قادرة على المنافسة وتحمل مخاطر العمل المصرفي... الاندماجات من شأنها أن تحقق للمصارف الوطنية الدعم المطلوب لوجودها في السوق الوطني لمواجهة منافسة البنوك الأجنبية وتعزيز قدراتها على التوسع الإقليمي والدولي».
محافظ البنك المركزي الشيخ سالم الصباح لـ»كونا»- نوفمبر 2008.مَن يقرأ تصريح المحافظ لا يملك سوى التساؤل عن المنطق وراء قرار الحكومة تأسيس بنك جديد (وربة)، فهل تجاهلت الحكومة رأي البنك المركزي وهو الأكثر علماً بواقع القطاع المصرفي؟ أم أنه قد غيَّر رأيه ولم يعلمنا بذلك؟ وعلاوة على ذلك، لطالما أفصح البنك المركزي عن دفعه باتجاه تحرير الاقتصاد من هيمنة الحكومة، ولكن تأسيس بنك «وربة» يناقض هذا التوجه، فهيئة الاستثمار ستمتلك 24 في المئة من رأس المال، وبذلك ستكون صاحبة حصة الأغلبية الوحيدة والمدير الحتمي للبنك، ما يؤدي إلى تحريف الاقتصاد وقواه الطبيعية عبر مزيد من التأميم والإدارة الحكومية للنشاط التجاري.ولتحريف الاقتصاد جانب آخر في الموضوع، فالـ76 في المئة الأخرى من رأس المال التي ستوزع منحة للمواطنين تعد هي الأخرى تزويراً لإرادة السوق، فخريطة نسب الملكية في رأس المال يجب أن تعبر عن إيمان المساهمين بوجود فرصة استثمارية جديرة، وهذا الإيمان لا يأتي إلا بإرادة ذاتية من المستثمرين أنفسهم من خلال اكتتابهم الطوعي، عكس ما ستقوم به الحكومة من توزيع الأسهم منحة للمواطنين، ففي ذلك إقحام لرؤوس أموال ليست متوافرة بالأساس، أو إقحام لمستثمرين مصطنعين ليست لديهم الإرادة للاستثمار، وفي الحالتين هناك تزوير لإرادة السوق وخلق لقوى سوق مصطنعة، علماً بأنه بهذا المنطق حاربت الحكومة ممارسة شراء البطاقات المدنية للحصول على حق الغير بالاكتتاب بعد تفشيها عند تأسيس بنك بوبيان». وما دمنا بذكر بنك «بوبيان»، يتبادر السؤال عمن سيدير بنك «وربة»؟ فتأسيس البنك من دون أغلبية متخصصة يعيد إلى الأذهان التجربة السيئة لبنك «بوبيان» وما صاحبها من تخبط في الإدارة وقرارات متهورة يشوبها تعارض المصالح أدت إلى استقالة بعض أعضاء مجلس الإدارة وخلافات بين المساهمين ومجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والبنك المركزي، ما حدا بالبنك المركزي وهيئة الاستثمار للدفع باتجاه استحواذ بنك «الكويت الوطني» على بنك «بوبيان» لخبرته الواسعة.أخيراً، بدل أن تبرئ الحكومة ذمتها أمام البنك المركزي وصوت العقل وتقر بأن تأسيس البنك جاء تطبيقاً لقانون أقر في 2007، صرحت بأنه قرار بإرادة حكومية وروّجت له كعيدية، وبذلك يستمر مسلسل التسابق بينها وبين المجلس على دغدغة مشاعر الناس وإعدام قيم الإنتاج والإبداع على حساب سلامة الاقتصاد الوطني.Dessertكلمتا «وربة وبوبيان» مترادفتان في ذهني ولا تنفصلان، خصوصاً بصوت خالد الشعيبي نتيجة متابعتي الشغوفة منذ الصغر لنشرة الأرصاد الجوية التي يقدمها على تلفزيون الكويت، وأخشى أن ترادف «وربة» أخاها «بوبيان» في تجربته المصرفية السيئة في سنواته الأولى.