كانت جلسة مجلس الأمة التي تم خلالها إقرار قانون إسقاط فوائد المواطنين بأغلبية 35 نائباً صوتوا مع إقرار القانون شابها تبادل اتهامات وتشكيك في النوايا بين عدد من النواب، ولم تحظَ محاولات الحكومة برفع الجلسة النجاح هذه المرة، ورغم سخونة السجالات والاتهامات فإن النواب المؤيدين للقانون حرصوا على التهدئة، وأسقطوا التعديل المقدم من النواب: رولا دشتي ومعصومة المبارك وصالح عاشور وصالح الملا، رغم موافقتهم له، حتى لا تطلب الحكومة التأجيل مدة 15 يوماً استناداً إلى اللائحة الداخلية.

Ad

وبدأت الجلسة بهجوم على رئيس المجلس جاسم الخرافي، بسبب رفعه لجلسة الثلاثاء قبل الانتهاء من مناقشة القانون، مخالفاً في ذلك قرار المجلس الذي نصّ على تمديد الجلسة لحين الانتهاء من القانون، بدأه النائب وليد الطبطبائي الذي أكد أن إجراءات رفع الجلسة تكون بالتلويح ثم رفعها مدة نصف ساعة، واتفق معه أكثر من نائب، إلا أن الرئيس الخرافي الذي لم يكن حاضراً وقت هذا الهجوم اكتفى لدى عودته الساعة الواحدة بالتعقيب على ما ذكره البراك، مؤكداً أن "المجلس ليس شركة من شركات الخرافي كما ذهب البراك، كما لن أسمح أيضاً بأن تكون قاعة عبدالله السالم ديوانية مسلم البراك".

حماد والنائبات

وبالرغم من سخونة الاتهامات التي حدثت بين بعض النواب، فإن النواب المؤيدين لمشروع إسقاط الفوائد بادروا بالتهدئة تخوفاً من رفع الجلسة من دون إقرار القانون، فبعد توجيه النائبتين سلوى الجسار ورولا دشتي انتقاداً حاداً إلى النائب سعدون حماد الذي صرح خلال الجلسة بحصول إحدى النائبات على قرض قيمته 50 مليون دينار، وطالبته الجسار بأن يمتلك الشجاعة ويكشف عن اسم النائبة، فضلاً عن مطالبة دشتي له

بألا يتغطرس وراء الحصانة ويعلن ذلك داخل القاعة وخارجها، إلا أن حماد لم يرد تخوفاً من رفع الخرافي للجلسة، وعقب النائب عدنان عبدالصمد على ذلك بالقول متعجباً: "ترون من يطالب حماد بالتهدئة وعدم الرد النائب مسلم البراك"، وأدى صمت حماد وعدم رده الى زيادة النقد له، فبعد أن تناول حماد مشروع القرض العادل الذي قدمه النائب مرزوق الغانم وآخرون في المجلس السابق واعتبر أن هدفه كان مصلحة انتخابية، هدده النائب مرزوق الغانم بالقول: "المرة دي هتغاضى عنها، أما المرة الجاية فهعورك".

انقسام سلفي

وكان اللافت للنظر هو الانقسام الحادث داخل التجمع الإسلامي السلفي، والذي بدا واضحاً خلال مناقشة القانون، فبعد أن تناول النائب خالد السلطان مشروع القانون من مختلف الزوايا الشرعية والقانونية والدستورية وأيضاً السياسية، وقدم عرضاً علمياً استغرق 15 دقيقة، شرح خلاله وجهة النظر المؤيدة للقانون، مؤكداً في الوقت ذاته أن القانون لا يخالف الشريعة الإسلامية، مستدلاً بفتوى لأحد المشايخ السعوديين، قام زميله النائب علي العمير المعارض لمشروع القانون عبر استغرابه من تحريف الفتاوى، وانضم إليه زميله النائب محمد المطير الذي قال إن العم خالد السلطان حصل على فتوى من إحياء التراث تؤكد مخالفة القانون للشريعة، وهو ما نفاه السلطان، وتحولت الجلسة إلى جلسة فتاوى، إذ اتهم النواب المعارضون للمشروع المؤيدين له بأنهم تجاهلوا الفتاوى الرسمية الكويتية وذهبوا إلى دول أخرى من أجل تفصيل فتوى مناسبة على مقاسهم.

 وأشار النائب جمعان الحربش في هذا الصدد إلى أن اللافت في الجلسة استناد البعض إلى فتاوى شرعية، وكأننا لسنا في القاعة بل في مجمع الفقه الإسلامي.

المواقف محسومة

ورغم أهمية مشروع القانون، نظراً لما فيه من كلفة مالية على المال العام، فإن النواب لم يحرصوا على سماع الرأي والرأي الآخر، وكانت النتيجة محسومة، وهذا ما أكده الرئيس جاسم الخرافي، ودلل على ذلك مطالبة النائب خالد العدوة في بداية الجلسة لوزير المالية مصطفى الشمالي تمرير القانون احتراماً لرغبة 35 نائباً، وهو الرقم الفعلي الذي أقر القانون في مداولته الثانية، كما أن الحكومة كانت متيقنة من ذلك، واكتفى وزير المالية بالتعقيب على النواب المعارضين للقانون لإعطائهم حق الكلمة مرة أخرى، والتصدي لمن يتهم الحكومة بالتضليل أو التخاذل أو غير ذلك، والذي وصف القانون بـ"المسخ"، فضلا عن تجديد تأكيده أن اللجنة المالية  أقرت قانوناً عبارة عن قص ولزق وهرقلة، وحرص الشمالي قبل التصويت على القانون في مداولته الثانية على تلاوة بيان الحكومة الذي تضمن ملاحظاتها للقانون، الا أنه لم يغير من قناعة النواب "المسبقة".