هل تستطيع تسمية مبادرة مهمّة واحدة أقدمت عليها إدارة أوباما في سياساتها الخارجية ولم تواجه الفشل الذريع؟

Ad

الحرب في أفغانستان تسير في الاتجاه الخاطئ، فقد نُسفت مبادرة التواصل الدبلوماسي مع إيران، ولم تحقق التنازلات التي قُدّمت إلى روسيا لفرض عقوبات قاسية أهدافها، ورفضت الحكومات الأوروبية الموالية لأوباما إرسال قوات عسكرية إضافية إلى أفغانستان.

تعاني علاقات أوباما الشخصية مع قادة ألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا برودة شديدة، فلم تحقق خطة التواصل التي نفّذها الرئيس مع العالم الإسلامي شيئاً يُذكَر: في الواقع، أُطلقت خطط إرهابية إضافية ضد الولايات المتحدة في عام 2009، أكثر من أي سنة أخرى بعد عام 2001. حين حاول رئيس موالٍ لهيوغو تشافيز الاستئثار بالسلطة بطريقة غير شرعية في هندوراس، دعمت إدارة أوباما الرئيس غير الشرعي على الرغم من قرار اتخذته المحكمة العليا بالإجماع في هندوراس.  

كذلك، فكّرْ بجميع المبادرات المفيدة التي كان يجب إطلاقها لكنها لم تتحقق: ما موقف الولايات المتحدة إزاء إشراف اليورو على الانهيار؟ ينشط "حزب الله" في التزوّد بالأسلحة في لبنان، ولا تحرّك الولايات المتحدة ساكناً في المقابل. يبدو أنّ واشنطن لم تحدد أي سياسة تجارية ولا أي خطة لفرض الأمن في العراق بعد مغادرة القوات الأميركية المقاتِلة، وقد فقدت كلّ مصلحة لها في الترويج للديمقراطية أو حقوق الإنسان.

بعد أسابيع عدة على فوز باراك أوباما في الانتخابات، عام 2008، تسنّت لي فرصة التكلم مع شخص كان قد أمضى وقتاً طويلاً مع المرشّح. فسألته: برأي أوباما الشخصي، ما مجال خبرته؟ برأيه، ما الأمور التي يبرع فيها؟ أجاب مراقب أوباما هذا: "الشؤون الخارجية".

حين شاهد الصدمة على وجهي، بدأ يضحك: "قد تظنّ ألا سبب يدعو أوباما إلى اعتبار نفسه خبيراً، لكن صدّقني إنه يعتبر نفسه كذلك". تبيّن أنّ مُخبري كان على حقّ.

على المستوى المحلي، لم يقم أوباما بأي مبادرة مهمة بنفسه، فقد أعدّ آخرون المبادرات المحلية الكبرى مع مشاركة رئاسية محدودة.

قام وزير المالية تيم غايثنر ورئيس الاحتياطي الفيدرالي بن بيرنانك بإعداد خطة إنقاذ البنوك والإشراف عليها.

وقام أعضاء ديمقراطيون في الكونغرس بصياغة مشروع الحوافز الاقتصادية الكبرى لأغراضهم الشخصية، مع الإغفال عن توقيع أوباما على مواضيع مثل تعزيز شبكة الكهرباء.

ماذا عن خطة الرعاية الصحية؟ صيغت هذه الخطة أيضاً في الكونغرس، وقد تمّ التفاوض بشأنها بين الليبراليين في مجلس النواب وعدد إضافي من الديمقراطيين المحافظين في مجلس الشيوخ. على مستوى المسائل الجوهرية في المفاوضات، بما في ذلك نظرية الخيار العام الشهيرة، لم يتّخذ أوباما أي موقف على الإطلاق.

في ما يخصّ الطاقة والبيئة: تُتّخَذ القرارات الكبرى حول التشريعات المتعلقة بالتغيرات المناخية ضمن لجنة هنري واكسمان في مجلس النواب، مع مشاركة نظريّة من جانب البيت الأبيض.

لكن على مستوى الشؤون الدولية، يتخذ الرئيس بنفسه القرارات الكبرى. كان أوباما هو من قرر إرسال قوات عسكرية إلى أفغانستان عددها أقلّ بـ30 ألف جندي مما طلبه قائد القوات العسكرية، تزامناً مع إخبار طالبان بالمهلة الزمنية النهائية التي حددها الرئيس للانسحاب الأميركي.

وكان أوباما هو من قرر التساهل إزاء إقدام إيران على التهجم بعنف على المحتجّين المنادين بالديمقراطية، في الصيف الماضي، على أمل حثّ الحكومة الإيرانية على إجراء محادثات مع الولايات المتحدة.

وكان أوباما هو من ألغى برنامج نظام الدفاع الصاروخي على أمل كسب دعم روسيا لفرض عقوبات على إيران.

وكان أوباما هو من عامل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بازدراء، وهو من يسعى بهدوء إلى إرساء التوافق مع توجه السلطة الفلسطينية نحو إعلان دولتها بشكل أحادي الجانب.

وكان أوباما هو من عارض المحكمة العليا في هندوراس لمصلحة رئيس هندوراس تشافيزيستا.

هذه هي القرارات التي تشهد انعكاسات سيئة، بل سيئة جداً، فلم تكن الأخبار المهمة التي وردت في مقال صحيفة رولينغ ستون، والتي كلّفت الجنرال ستانلي ماكريستال منصبه، تتعلق بواقع أنّ مساعدي الجنرال كانوا يتعاملون بعدائية مع زملائهم المدنيين. كانت الأخبار المؤثّرة تتعلّق في أنّ قائد القوات العسكرية في أفغانستان لم يكن مقتعناً بأنّ الحرب القائمة تتجه نحو الفوز.

في جميع الأحوال: ما معنى "الفوز" فعلياً؟ عام 2002، اتّخذت إدارة بوش قراراً يقضي، لا بالمبالغة في الانغماس في أفغانستان، بل برسم أهداف محدودة جداً والتركيز على العراق. عارض المرشّح أوباما حرب العراق بشدّة ودعا بدل ذلك إلى تجديد الالتزام في أفغانستان.

بعد انتخاب أوباما رئيساً، تردد هذا الأخير طوال أشهر في اتخاذ قرار بشأن تنفيذ تعهداته بشأن أفغانستان. كان ذلك التأخير يعني بالنسبة إليّ أنّ الالتزام الأصلي أُطلق لأغراض انتخابية، ولم يكن يعكس تحليلاً جدياً للتكاليف والمنافع الناجمة عن خطة مكافحة التمرد في أفغانستان.

بغض النظر عن دوافع أوباما، كانت نتائج سياسته التي ارتكزت على تفكير مطوّل مخيّبة للآمال بالنسبة إلى الجميع، وكان ذلك مؤشراً واضحاً على الأسباب التي اختارها الرئيس بوش لمعارضة خطة بناء البلد في أفغانستان.

يواجه الرئيس أوباما اليوم قراراً حاسماً آخر، فاحتلّ شخص جديد منصب قائد القوات العسكرية، ولا شكّ أنه أخبر الرئيس بأنّ المهلة الزمنية للانسحاب ليست واقعية. لا يمكن تحويل الوضع في أفغانستان خلال أشهر قليلة، فإما أن تكون الولايات المتحدة ملتزمة بالمهلة المحددة، وإما أن يحين الوقت لبدء البحث عن مخرج يلبّي الحدّ الأدنى من الأهداف الأميركية: حرمان القاعدة من ملجأ آمن ومنع طالبان من العودة إلى السلطة في كابول... مجدداً، الرئيس هو وحده المخوّل لاتّخاذ القرار. بناءً على أدائه السابق، توجد أسباب كثيرة تدعو إلى القلق: هل سيكون أداؤه أفضل من السابق هذه المرة؟

* ديفيد فرم