بين تنمية الفساد وفساد التنمية

نشر في 27-01-2010
آخر تحديث 27-01-2010 | 00:00
 أ.د. غانم النجار حاولت أن أفهم أو حتى أتفهّم سر الحماس المفاجئ الذي هبط بدون سابق إنذار على حكومتنا الرشيدة ومجلس أمتنا الموقر لخطة التنمية الرباعية فلم أجد في ما هو مكتوب ما يساعدني على فك اللغز المحير.

حالة الهدوء النسبي التي رافقتها حالة شبه إجماع على تمرير الخطة تثير علامات استفهام أكثر مما تجيب عن الأسئلة. هي حالة شبيهة بتواطؤ، من المحتمل أن تكون نتيجتها استنزاف أموال، وضياع جهود، وخداع للناس ربما تنكشف قريباً، خاصة أن التصريحات الرسمية تضاربت في تحديد تكاليف تلك الخطة ما بين 37 ملياراً و30 ملياراً بفارق 7 مليارات فقط.

ولعل أول الأسئلة هنا يكمن في مدى قدرة الجهاز الحكومي الذي فشل حتى الآن في تنفيذ مشاريع كبيرة كجامعة الشدادية أو مستشفى جابر وغيرهما، على التصدي لمهمة إدارة خطة بهذا الحجم، والجواب هنا معروف، فلا قدرة على التنفيذ متوافرة، ولا يكفي مئات الأوراق المصوغة للخطة في تحويلها إلى واقع.

السؤال الآخر المستحق هو في كيفية مراقبة هذه المبالغ الطائلة والتأكد من أنها لن تنتهي في نهاية الأمر في جيوب "الحبايب والقرايب"، وبالتالي لن ينتج عن تلك الخطة إلا انتفاخ كروش وتثبيت عروش.

ولسنا هنا في حاجة إلى تأكيد ما أكدته التقارير الدولية والممارسة الواقعية عن حالة الفساد المستشري في الجهاز الحكومي الذي ستناط به عملية تنفيذ الخطة.

إن كانت حكومتنا الرشيدة ونوابنا الأفاضل صادقين في تنفيذ خطتهم تلك فإن الحد الأدنى لذلك يكون بإصدار حزمة القوانين المناهضة للفساد وهي خمسة قوانين جاهزة وموجودة، وهي قانون مكافحة الفساد وقانون الذمة المالية وقانون تعارض المصالح وقانون حماية المبلّغ وقانون حق الاطلاع على المعلومات، والتي تمثل الحد الأدنى لحماية الأموال العامة من التبديد والضياع.

إن أول مؤشرات الجدية في تنفيذ الخطة يكمن في تزامن تمرير الخطة مع إصدار قوانين مكافحة الفساد، وإلا فإن خطة التنمية لن ينتج عنها إلا تنمية للفساد وستنتهي في أحسن أحوالها إلى إفساد للتنمية.

 

* اعتذار

بسبب التزامات مستحقة خارج البلاد في مناطق يصعب التواصل معها سأضطر إلى التوقف عن الكتابة حتى يأذن الله بأمر كان مفعولاً.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top