لنْ أنخدعَ مرّةً أُخرى يا أبي. سأقودُ حياتي إلى حافةِ الينبوع،

Ad

وأنامُ على العشبِ، وأنظرُ إلى رحيلِ السحبِ إلى بستانِ الجحيم.

أجَلْ، الليّلُ خَذَلَني يا أبي. خَذَلَني ليلُ الزمن وأنتَ تستعدُّ

للعبورِ إلى الشاطئِ الآخر.

أجَلْ أذكرُ كيفَ كنتَ تعبرُ المسافاتِ الطويلة أجنحةِ غضبٍ

هائلٍ وتتركني وحيداً أرعى الحيرةَ في بئرِ يوسف

يا أبي. لكنني لم أرَ الذئبَ إلّا بعدَ أنْ كبرتُ وأمسكتُ بالجمرةِ.

لذا لنْ تكونَ لي سنوات إضافية مثلك. سأغادرُ القلعةَ مبكراً،

قُبيل الغروب ربّما تحتَ ظلالِ النارنجةِ التي زرعناها معاً.

أنا مَنْ كسرَ الجرّةَ وهرّبَ التماثيلَ إلى الغابةِ، لكنني كنتُ

صغيراً يا أبي. يأتي النسيمُ من كل الآبار، تأتيني كلمةُ الأمِّ،

في الطريق التي ستُمجّدُ اليدَ الذهبيةَ يا أبي.

الأحلامُ وقِرصُ الضحكةِ وأثرُ الطينِ على الأصبعِ، وسريرُ

الثلجِ على الشرفةِ، كلُ هذا يأتيني أيضاً يا أبي.

لقد سمعتُ أنّكَ بَعْثرتَ الأحجارَ البيضاءَ على الرملِ كي يعودَ

الطفلُ الميّتُ لكنه لم يعدْ يا أبي. أذكرُ سباحةً عبرت الأمُّ البحيرةَ

قبل أنْ يَخطُفها ضوءُ العاصفةِ الذي أنارَ وَجهَ الرحلةِ.

وسباحةً سأعبرُ النفقَ كلّهُ حتى تأتيَ الإشارةُ محاطةً بزهرةِ

الثلجِ يا أبي. أنا شجرةٌ يابسةٌ يا أبي

أسأتُ فهمَ العالم.

كانَ ينبغي أن أظلَّ في البئرِ في ماءِ الليلِ بينَ الحصى والرماد.

في الهواءِ تَتَجوّلُ وفي بيتِ الأزهارِ أيضاً،

هناكَ نَسيت الكلمةُ أن تعيدَ نَفسَها إلى الضوءِ. لا،

لنْ أستطيعَ، أنا لستُ شاعراً

يا أبي نافذةُ المعبدِ تكفي كي أنام.

لذا ستعودُ حياتي كلّها إلى هناك

إلى تلك البئر التي لم يشرب منها غيرُ

الأراملِ واليتامى والمنتحرين. لَنْ أنخدع مرّة أخرى

سأشربُ النبيذَ الطيّب

وأضعُ يدي في النهرِ الباردِ حتى

يطفو قلبي مثل اللؤلؤة يا أبي.