الآن فقط يحق لنا أن نفخر بوجود مجلس أمة يستطيع وضع النقاط على الحروف، ويعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، اليوم حقّق المجلس ما عجزت عن تحقيقه المجالس السابقة، رغم قوة وصلابة نوابها، ولا دليل أبلغ من موافقة المجلس بمداولته الأولى على قانون إطلاق لحى العسكريين، فهذا القانون أعاد دون أدنى شك الهيبة للمجلس، لأنه وبكل صراحة إنجاز ما بعده إنجاز، يستحق التصفيق الحاد دون انقطاع!
ما يثير الدهشة في هذا الموضوع أن نوابنا الأفاضل تركوا قضايا التعليم والصحة والبطالة وكثرة الجرائم بشكل مخيف، وغيرها من المشكلات، التي من المؤكد أن يتحول الكثير منها إلى بوابات تأزيمية لاحقة تمهّد لمزيد من الاستجوابات التي باتت أكثر من الهم على القلب، وذهبوا إلى لحى العسكريين وكأنها قضية الساعة، لكنّ ما يؤخذ عليهم ويجب معاتبتهم عليه عتاباً شديد اللهجة وبلا رحمة، أنهم أغفلوا جزئية غاية في الأهمية، وهي عدم تحديد نوعية وشكل لحية العسكري، لذا يجب محاسبة مقدمي الاقتراح على تجاهلهم هذه النقطة، خصوصاً أن الأمر من شأنه تنافس العسكريين في ابتكار "قصات" جديدة -إن جاز التعبير- لشكل اللحية من أجل مواكبة التطور الذي تعيشه اللحية في وقتنا الحالي، إذ تزدهر هذه الأيام تربية اللحية وتعيش في عز مجدها بلا منافس، لا سيما بين بعض الشباب الذين لجأوا إلى اللحية أملاً في الحصول على مصالح ومآرب شخصية، ولا أعتقد أن أحداً يستطيع نكران هذا الأمر.من اللحظة، يجب ألا نستغرب أن نشاهد نقيباً يحمل سلاحاً ممتلئا بالذخيرة قام بـ"تضبيط" لحيته بشكل "العقرب"، كما لا يمكن لأحد أن يستهجن وجود رائد في دائرة حكومية بلحية تمت هندستها بـ"قفل" من النوع الخفيف جدا كالخيط، ولن تكون مفاجأة إن دخل رقيب على مسؤوله في المعسكر، وقد قام بصبغ الـ"سكسوكة" وفق أحدث موديل، هذا عدا الكثيرين الذين يفضلون الـ"ديرتي" باعتبار أنهم يمتلكون وجهاً جميلاً وبشوشاً، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل محبي اللحى الطويلة غير المرتبة، فهم في تزايد والحمد لله، ما يؤكد أن هذه الفئة سيكون لها نصيب الأسد في تصميم أشكال وأنواع وألوان اللحى، خصوصاً أنها حققت نصراً مستحقاً على فئات أخرى في المجتمع، فهذه سُنّة الحياة الحديثة والمتطورة على ما يبدو، سنها بعض نوابنا الكرام الذين تسابقوا للفوز بوجود أسمائهم ضمن الموافقين على القانون في مداولته الأولى، إذ وصل عددهم إلى 32 نائباً، ولولا فقدان النصاب في المداولة الثانية لتمت الموافقة على إقرار هذا القانون بشكل نهائي، وبالتالي فإن فقدان النصاب حرم بعض العسكريين من الوصول إلى مبتغاهم وتحقيق حلم حياتهم الذي كان يراودهم سنوات!وفي حال إقرار القانون والموافقة عليه في مداولته الثانية من قبل مجلسنا الموقر، يجب على نوابنا مقدمي الاقتراح والموافقين عليه الذين وضعوا المصلحة الوطنية نصب أعينهم أن يقروا قانوناً آخر يدعو إلى تعويض أصحاب صالونات الحلاقة الذين سيتضررون من إقرار القانون بشكل كبير، إذ سيكون زبائنهم من "المرتدين" حليقي اللحى فقط، وهؤلاء عددهم قليل مقارنة بعشاق التيارات الإسلامية، فالتعويض المادي والأدبي لأصحاب الصالونات قضية حيوية في ظل تنامي ظاهرة تربية اللحى في بلد يراه البعض ملكاً خاصاً... وللأسف!
أخر كلام
رقيب بـ«سكسوكة»... رائد بـ«قفل»... نقيب بـ«عقرب»!!
10-06-2010