بغض النظر عن مدى اتفاقك أو اختلافك مع النائب د. وليد الطبطبائي، فإنك لا تملك إلا أن تعترف بأن هذا الرجل هو من أبرز شخصيات العمل النيابي، وأقول هذا لأن كل من سيحاول أن يسترجع مشهدنا البرلماني، سيجد أن صورة الطبطبائي ستكون حاضرة حتما مع أوائل الصور التي ستتداعى إلى ذاكرته.
وبالرغم من قلة جاذبية الطبطبائي وكاريزماه في اللقاءات المتلفزة، وعندما يقف خلف المايكروفون، في ندوة أو ما شابه ذلك، فإنه استطاع وباقتدار أن يحظى بثقة ناخبيه ولدورات عديدة متتابعة، فكان الأول عن دائرته في أغلب المرات، وهذا في الحقيقة لم يتأت كنتاج خالص لمعادلة التقسيمات السياسية المجردة، إنما لأن الرجل قدم دوما وعبر تجربته البرلمانية الطويلة، نموذجا للنائب الثابت الأداء وغير المتقلب، والواضح جدا للجميع، بمن فيهم خصومه، حيث عرفه كل الناس كنائب يعمل في إطار صريح، وبنمط مستقر، وصار من السهل جدا اليوم لكل مراقب، أن موقف الطبطبائي من مختلف الموضوعات المطروحة معروف، بل حتى إن كان سيصوت بلا أو نعم.حسنا... قد تتساءلون عن مناسبة هذا الموضوع، وسأجيبكم بأني قد اكتشفت أخيرا حراكاً يتم على نار هادئة في الكواليس، بهدف ضرب النائب الطبطبائي وتشويه صورته والتقليل من حظوظه في الانتخابات القادمة، وذلك بالدندنة على أمرين، أولهما: قضية الشيك الذي استلمه الطبطبائي من رئيس الوزراء لمبرته الخيرية، وثانيهما: موقفه المؤيد لإسقاط فوائد القروض، وتصويته بذلك.كنت كتبت في السابق عن أن أخذ الطبطبائي شيكاً من رئيس الوزراء لم يكن أمرا حصيفا على الصعيد السياسي، حتى لو كان التبرع لمصلحة العمل الخيري، وتوقفت عند ذلك لأن الأمر لا يحتمل ولا يستوعب أكثر من ذلك، إلا أنه قد ظهر اليوم من يحاول النيل وبغباء من الطبطبائي عبر التشكيك بأمانته وذمته المالية على هامش هذه القصة، وقد ابتدأ الأمر بتلك المرافعة الغريبة التي قام بأدائها النائب د.علي العمير في الجلسة الشهيرة لطرح الثقة برئيس الوزراء، حيث جنح بعيدا جدا، بل خرج عن النص كثيرا وعما قد يفيد رئيس الوزراء في مثل هذا الموقف، مثيرا استهجان الجميع، بمن فيهم زملاؤه أعضاء التجمع السلفي، خالد السلطان وعبدالوهاب العميري، الذين صرحوا لاحقا برفضهم لما بدر منه!وقد كنت للأمانة أتصور بأن د. العمير أكثر ذكاء من الوقوع في هذا الفخ الذي نصبه لنفسه، أو لعله نُصب له فوقع فيه على وجهه، فأقل الناس خبرة في العمل السياسي، يدرك أن محاولة التشكيك بمصداقية ونزاهة الطبطبائي المالية لن تثمر عن شيء أبدا، تماما كمن يظن أن من الممكن أن يقلل من قيمة المرسيدس مثلا بالطعن في كفاءة أدائها، فالطبطبائي قد أثبت دوما أنه فوق مستوى مثل هذه الشبهات، وكان الأجدر بالعمير، وبمن يحاولون النيل منه اليوم عبر هذه الزاوية المتهافتة، أن يبحثوا عن زاوية أخرى يهاجمونه عبرها.وأما مسألة موقف الطبطبائي من إسقاط فوائد القروض، وكيف أن الكثير من أبناء دائرته، لم يعجبهم هذا الموقف، فأجزم بأنه سيعود عليه بالنفع في نهاية المطاف، وسيزيد من أسهمه ورصيده الانتخابي، لا العكس، فالطبطبائي، باتخاذه هذا الموقف، بالرغم من معاكسته لمصلحته الانتخابية الضيقة المباشرة، قد قدم مثالا جديدا، يضاف إلى رصيده السابق، عن مدى انسجامه مع ما يؤمن به، حتى لو عاد عليه بالانزعاج من أبناء دائرته.سأظل أومن، بالرغم من العديد من المختلفات بيني وبينه فكريا ومواقفيا، بأن د.الطبطبائي هو نائب مجتهد، صادق مع نفسه، يسعى دائما إلى حمل الأمانة التي اؤتمن عليها من قبل ناخبيه، على عكس الكثير ممن دخلوا، ولا أشك في أنهم سيدخلون دائرة العمل النيابي في القادم من الأيام وللأسف! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
كفاءة الطبطبائي... والمرسيدس!
07-02-2010