اهدأ يا شيخ وتركد، وكلامي موجه إلى الشيخ صباح مبارك صباح الناصر، مرة ثانية وثالثة ورابعة ومن غير نهاية أكرر وأقول: اسمعها منّي يا شيخ صباح مبارك ولكل السادة الشيوخ، وهم محل تقديرنا واحترامنا.

Ad

اسمعها منّي يا شيخ، فلست أنت ولا غيرك من شيوخ الكويت "معازيب" النائب مسلم البراك ولا الوزير هلال الساير.

الكويت ليست إقطاعية لأسرة أو فرد، ولستم رعاةً ولسنا رعيةً لكم ولا لغيركم، أنتم تحكمون برضائنا وبإرادتنا الحرة، نحن مواطنون، ومشاركون في الحكم وأنتم حكام معنا وبقبولنا لكم، والعهد بيننا وبينكم وثيقة مدوَّنة اسمها الدستور، وإذا حاول أحد ما مسح تلك الوثيقة أو قلبها فسيُردُّ كيده إلى نحره، ومن يراوده وهم أو حلم مريض بالاستفراد في السلطة وعودة الأيام الخوالي الشاذة حين عُطِّلت أحكام الدستور في أكثر من مناسبة، فهو واهم وتهيمن عليه أحلام اليقظة... اصحَ يا شيخ... فعهدنا مع أسرة الصباح الكريمة هو الدستور، وما نصت عليه المادة السادسة فيه حين قررت أن "النظام في الحكم ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا..."، ونحن يا شيخ صباح المبارك -وأنت معنا لا فوقنا ولست معزبنا- الأمة ونحن مصدر السلطات، ونحن الجذع والجذور، ونحن الأصل، ومتى غُيِّب المصدر وقُطِع الجذع واجْتُثَّت الجذور، فستُمحى الفروع والأوراق.. فأين ستكون شجرة السدرة الكويتية؟

ماذا تقول يا شيخ، وبماذا هذيت في لقائك مع قناة "سكوب"...! عبارات مثل "معازيب... وتاج راسك... واضرب بيد من حديد"، ليس مكانها دولة المؤسسات ودولة المشروعية القانونية التي نعمل من أجلها، مكانها المناسب هو العدم والصمت، قلْ خيراً أو اصمتْ... قلْ يا شيخ: لي رأي وسأتواضع في ما أقول، وسنسمع رأيك، فهذا حقك مثلما هو حقنا أن نقول رأينا بما تفوهت به من بؤس وحديث جارح... هكذا نفهم دولة حكم القانون... وهكذا نفهم الحرية...

حريتنا يا شيخ ليست وقفاً على رغباتك، وليست مرهونة لدَينٍ علينا لكم، حرياتنا هي وجودنا وهي كرامتنا، وهي دستورنا الذي تبغضه شئت أم أبيت... حريتنا وحقنا في التعبير لن يكونا سجينَي المزاج الفردي والهوى الشخصي.

حريتنا يا شيخ هي "كويتيَّتُنا"، وهي ليست هبة منك ولا من غيرك، إنما هي للأرض وللدهر حين خُلِق المكان.

حرياتنا تملي علينا أن نقف مع الحق، والحق هو الإنصاف والمساواة تحت حكم القانون العادل... والقانون ليس مجرد نصوص مبثوثة هنا وهناك... إنما هو الروح... وهو احترام الكرامة الإنسانية كما أرادها الحق... وهي أسمى من أن تكون سلعة بخسة في أسواق شراء الذمم وبيع الضمير... الشيخ يا شيخ لا يتفوه بكلمات مثل "احترم معازيبك... وتاج راسك"... الشيخ يا شيخ نجده معنا في الأفراح والأتراح... الشيخ يا شيخ معنا في حفل الزفاف وفي مأتم العزاء... والشيخ يا شيخ يتألم للظلم إذا أصاب المواطن أو الوافد... والشيخ يا شيخ لا يهدد ولا يتوعد... والشيوخ يا شيخ رايتهم بالأمس... يعزون ويتواضعون من غير لافتات وتنبيهات تقول... أنا شيخ واعملوا حساباً لقدومي...!

الشيخ يا شيخ هو مواطن مثلي ومثلك... لا يجوز أن يكون "معزباً"... ولا راعياً... فنحن لسنا رعية ولست أنت ولا غيرك رعاة في صحراء الكويت... الشيخ يا شيخ هو من يؤمن بحكم القانون وبالمساواة في العدل لا في الظلم... الشيخ يا شيخ لا ينتقم، إنما يُعمِل حكم القانون... والشيخ لا يؤدب الشعب ويرفع العصا الغليظة في وجوه أبناء وطنه حين يرى ما لا يرون... وإنما يقول لهم: نحن سواسية أمام حكم القانون.. والشيخ يا شيخ هو من يتأسَّى بكلام كريم مثل "كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيته"، والراعي والرعية بصيغة الجمع "كلُّكم" لا تعني غير المساواة في العدل، وهي بذلك تنفي مفاهيم الاستتباع والراعي والرعية... فهل عرفت معنى كلمة "شيخ" يا شيخ... اتقِ الله في نفسك وفي وطنك يا شيخ...