آخر وطن: بلاي ستيشن... لشهريار!

نشر في 13-11-2009
آخر تحديث 13-11-2009 | 00:00
No Image Caption
 مسفر الدوسري شهريار مجرّد رجل تافه مسكين... لا يصلح أن يكون قدوة لرجل... وبالرغم من أن شهرزاد لا تقل عنه تفاهة، فإنها أكثر شجاعة منه.

هذا المستلقي على السرير لا همّ له سوى سماع الحكايات الخيالية السقيمة مثلما يفعل أطفالنا عند مشاهدتهم أفلام الكرتون المعاصرة.

هذا الذي تلهيه «حدوتة» عن رؤية أنثى بكل زينتها وفتنتها بجانبه، غامرت بعمرها كله من أجل أن تكون بقربه، كل ذلك لا يلفت انتباه قلبه، ولا يحرّك جمال الأنثى ولا جمال الموقف أحاسيس هذا الشهريار المعاق عاطفيا، وإنما تحبس أنفاسه دهشة ومتعة... «حدوته»، حدوتة طويلة جداً كالمسلسلات المدبلجة!

تأتي شهرزاد كل ليلة محمّلة بالأنوثة والعطر والجمال، ودلال الكلمات الموغلة في عاطفتها، يلف جسدها غلائل الحرير الشفافة، وتشرق بين شفتيها نجمة صبح تدل التائهين، وشهريار المريض لا يلتفت إلى كل هذا، ولا يغريه، وإنما يقلّب ببلاهة ناظريه يفتش بين يديها عن صندوق الحكايا!!

تأتيه بماء الحب...

ويشرب ماء الكلمات

تفتح نوافذ عينيه على جمال الواقع، يرخي الستائر، ويفتح أبواب الخيال على عالم مليء بالهوام والعفاريت والشياطين التي تطير من بلد إلى آخر لحراسة سرير بنت السلطان!

تقرّب أنفاسها من أنفاسه لعلها تزيح الغبار المتراكم على أوردته

وشرايينه، ليسري فيها العبير، بينما هو غارق في نشوة الغبار الخارج من جسد الأساطير، يمرّغ فيه شهوته!

تضع يدها على يده لعلها تحيي ما تبقى من جمر تحت الرماد، فيشيح يدها المترفة بيده الصلفة مشيرا إليها بأن تُكمل حكايتها!

ينشغل عن شهد الطباع في هذه الأنثى بملح الأحاديث!

وعن رائحة الجسد الطازج، برائحة اللحم المقدّد على حبال «الحزاوي»!

هذا المغرور التافه أراهن أن ذاكرته لا تحمل صور الفتيات اللاتي اغتالهن، ولا عطر أجسادهن، ولم يبقَ أي شيء في مرآة ذاكرته من رقة أصواتهن، ولا لون الحناء بكفوفهن، ولا شكل وشومهن، ولا ليان أعطافهن، ولا نعومة ملمسهن، ولا يتذكّر حتى ماء غدرانهن.

قضى وطره ومضى في دهاليز روحه النتنة، لا يذكر من ليلة البارح شيئاً.

يحاول البعض إيهامنا بأن لدى شهريار هذا، حساً فنياً عميقاً بالأدب، والدليل افتتانه بقصص شهرزاد وحكاياتها، وانشغاله عن الرغبة برؤية رأسها مجندلاً، غارقاً بدمائها، وهذه بنظري كذبة وفرية عارية، إذ من غير المعقول أن يكون لدى رجل أي رجل في الدنيا ذرة شفافية من الشعور قادرة على التماهي مع روح الفن وجوهره الخلّاق، ويُمضي سيفه في عنق أنثى خطيئتها الوحيدة أنها قدمت حياتها كاملة قربانا لبعض سويعات معه!!

هذا المريض نفسياً والمعقّد كان بإمكان التاريخ إنقاذ ضحاياه، وإنقاذ حدائق الجوري على خدودهن، وخصورهن الأضيق من فسحة الأمل بيوم آخر يضاف إلى سنين أعمارهن، وشفاههن المكتنزة بالسكّر، وأحلامهن المكتنزة بالمرارة.

كان بإمكان التاريخ حقن دماء العذارى الجميلات الفاتنات اللاتي راحت أرواحهن ضحية هذه العلة المَرضية، لو أن أحداً أهدى شهريار حينئذ... «بلاي ستيشن» !

back to top