هل هي ثورة ايرانية ثالثة؟
جاء في معرض حديث الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد أن انتخابه يمثل الثورة الايرانية الثالثة، حيث يرى نجاد أن الثورة الاولى تمثلت في سقوط الشاه، والثانية كانت باحتلال الطلبة الايرانيين السفارة الاميركية مدة 444 يوما، الا ان تداعيات الانتخابات والاحتجاجات المستمرة على نتائج الانتخابات تستدعي اعادة النظر في مفهوم الثورة الثالثة.
من الواضح، كما اشرت في مقالة سابقة، ان الانتخابات الايرانية الاخيرة، على الرغم من انها تمت في اطار ومحددات وقيود النظام السياسي والانتخابي الايراني، الا انها كسرت الكثير من المحرمات وتجاوزت الخطوط الحمر، وعبرت عن حالة شعبية غير مسبوقة نحو اصلاحات جذرية.ويأتي قرار مجلس صيانة الدستور بإعادة فرز الاصوات في بعض المناطق المختلف حول نتائجها ليمثل تطورا جديدا في هذا الاتجاه. وبصرف النظر عن النتائج النهائية التي ستسفر عنها اعادة الفرز، وحتى لو انها ثبتت احمدي نجاد رئيسا لايران، فإن عجلة التغيير والاصلاح قد انطلقت ولن تعود الى سابق حالها. لقد أظهرت تداعيات واحوال الانتخابات ومجرياتها، بدءا من الحملة الانتخابية حتى اعلان نتائجها، وما تبع ذلك من احتجاجات حملة «أين صوتي؟»، صراعا محتدما بين النخبة السياسية الايرانية، وشملت فتحا لكل الملفات المغلقة والتي لم يسلم منها حتى مرشد الثورة ولي الفقيه آية الله خامنئي.من الواضح ايضا ان التحولات السياسية السلمية بكل عناصرها في حاجة الى رافعة اجتماعية لدفعها الى الامام، وهو ما تحقق في الانتخابات، فما جرى في الانتخابات الايرانية وما تلاها يتجاوز بمراحل احمدي نجاد أو حسين موسوي او مهدي كروبي او محسن رضائي، فعادة ما ينظر المحللون الى نتائج الانتخابات ويقفون عندها، ويغفلون السياق التاريخي التطوري للمجتمعات.شئنا أم أبينا، وسواء اتفقنا مع النظام الايراني او اختلفنا، فحيوية الشعب الايراني واستعداده للتضحية في سبيل التغيير، تمثل العنصر الاهم، وهي ما تفتقده معظم الشعوب العربية النائمة وغير القادرة على التأثير لا للامام ولا للخلف، بل هي واقفة متجمدة، حتى اصبحت اقل المناطق تأثرا بما يجري في العالم.هل هي ثورة ايرانية ثالثة اذاً؟ ربما، ولكن احداث ايران قد دفعت الى العلن حركة لا يمكن إرجاعها، ولا يمكن ايقافها، ولن تتوقف عند نتائج الانتخابات على المدى القريب، كائنا من كان الفائز.