أبعد من الغرفة
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
لدينا في الكويت ثلاث هيئات مدنية لا تخضع لقانون جمعيات النفع العام إطلاقاً، إلا أنها هيئات أمر واقع، لها صفة المشروعية الواقعية، أقدمها هي غرفة التجارة ، يليها الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، وآخرها جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت. ومن المفترض أن جميع هيئات المجتمع المدني بما فيها الأحزاب السياسية قد كسبت مشروعية قانونية بعد صدور هذا الحكم. ففي حين أن الغرفة كانت قد تأسست سنة 1959 وينظم عملها نظامها الأساسي المنشور بالجريدة الرسمية فإن الاتحاد الوطني لطلبة الكويت الذي تأسس سنة 1964 له دستور يحكم عمله إلا أنه لم يتم نشر ذلك بالجريدة الرسمية، أما جمعية أعضاء هيئة التدريس فقد تأسست سنة 1983، والملاحظ أن الثلاث هيئات تحصل على دعم حكومي أو تسهيلات حكومية بشكل أو بآخر كمقار أو أراض أو حتى دعم مالي مباشر، وبالتأكيد من حق الحكومة مراقبة مالية صارمة على أي هيئة مدنية تتلقى دعماً مالياً أو لوجستياً حكومياً أو تقوم بجمع التبرعات من الناس، ولا داعي للمزيد من القوانين المقيدة لحريات الناس، وقد جاء الحكم المذكور أعلاه متسقاً مع مبادئ الدستور الداعمة للحريات العامة وخاصة الحق في التنظيم.لست معنياً بالجدل السياسي الذي دار ولايزال يدور حول غرفة تجارة وصناعة الكويت، حيث كان خارج الدائرة الحقوقية والحريات العامة. وبدلاً من محاولة إلحاق غرفة التجارة بقانون من الأجدى تحرير جميع هيئات المجتمع المدني من تسلط قانون 24 لسنة 1964 فهو قانون قديم، لايتسق مع مبادئ الدستور، بل ويناقضها صراحة في بعض مواده التي تقيد حرية حركة هيئات المجتمع المدني وتعطي صلاحيات مطلقة للسلطة الإدارية ممثلة بوزير الشؤون.ويكفينا القول إن دراسة مقارنة حديثة حول واقع المجتمع المدني في ثلاث دول هي اليمن والبحرين والكويت جاءت الكويت فيها في المرتبة الأخيرة من حيث الحقوق المتاحة للمجتمع المدني. أما الآن وبعد صدور هذا الحكم التاريخي فإنه لم تعد هناك حاجة إلى وزارة الشؤون، وليعمل من يريد أن يعمل بموجب حكم المحكمة التاريخي، وهو الوضع الطبيعي لأي مجتمع حي حر.