في الثامن والعشرين من ديسمبر 2008 أصدرت محكمة الاستئناف حكماً تاريخياً لصالح جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت، يؤكد شرعيتها، وقانونيتها، وعدم انضوائها تحت قانون 24 لسنة 1962 الخاص بجمعيات النفع العام، وبموجب ذلك الحكم الذي أيدته وأقرته محكمة التمييز لاحقاً تصبح جميع هيئات المجتمع المدني بما فيها الأحزاب السياسية شرعية ومشهرة طالما أنها لا تخالف مبادئ القانون المدني العام، ولنقرأ نصاً من ذلك الحكم التاريخي:
"وجمعية أعضاء هيئة التدريس ما هي إلا تجمع مدني... تمثل مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني وأداة من أدوات الضغط السياسي لما يتبناه المؤسسون من أفهام ورؤى، فهي لا تخضع لأحكام القانون رقم 24 لسنة 1962 لعدم تسجيلها وإشهارها وفقاً للإجراءات المقررة في هذا القانون، كما أنها لاتخضع لسلطة إدارة جامعة الكويت لخلو أحكام قانون إنشاء جامعة الكويت من أي نصوص منظمة لها، وحقيقة الحال أن هذه الجمعية هي جمعية واقع بين المنتسبين إليها من أعضاء هيئة التدريس ومدرسي اللغة بجامعة الكويت... وعليه فإن هذه الجمعية واقعاً لا تمثل إلا من طلب الانتساب إليها ولايلتزم بقراراتها إلا من كان عضواً فيها، وبمعنى آخر إن كل ما يتعلق بالجمعية من مسائل تنظيمية داخلية هي شأن داخلي في الجمعية ولا يجوز لغير الأعضاء فيها التعرض لها، كما أن الجمعية هي التي تقرر من يمثلها أمام الغير ممن ارتضى التعامل معها بهذه الحال، كما أنها غير ملزمة بالتعامل مع الغير من لا يرتضي قبول واقع تكوينها".لدينا في الكويت ثلاث هيئات مدنية لا تخضع لقانون جمعيات النفع العام إطلاقاً، إلا أنها هيئات أمر واقع، لها صفة المشروعية الواقعية، أقدمها هي غرفة التجارة ، يليها الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، وآخرها جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت. ومن المفترض أن جميع هيئات المجتمع المدني بما فيها الأحزاب السياسية قد كسبت مشروعية قانونية بعد صدور هذا الحكم.ففي حين أن الغرفة كانت قد تأسست سنة 1959 وينظم عملها نظامها الأساسي المنشور بالجريدة الرسمية فإن الاتحاد الوطني لطلبة الكويت الذي تأسس سنة 1964 له دستور يحكم عمله إلا أنه لم يتم نشر ذلك بالجريدة الرسمية، أما جمعية أعضاء هيئة التدريس فقد تأسست سنة 1983، والملاحظ أن الثلاث هيئات تحصل على دعم حكومي أو تسهيلات حكومية بشكل أو بآخر كمقار أو أراض أو حتى دعم مالي مباشر، وبالتأكيد من حق الحكومة مراقبة مالية صارمة على أي هيئة مدنية تتلقى دعماً مالياً أو لوجستياً حكومياً أو تقوم بجمع التبرعات من الناس، ولا داعي للمزيد من القوانين المقيدة لحريات الناس، وقد جاء الحكم المذكور أعلاه متسقاً مع مبادئ الدستور الداعمة للحريات العامة وخاصة الحق في التنظيم.لست معنياً بالجدل السياسي الذي دار ولايزال يدور حول غرفة تجارة وصناعة الكويت، حيث كان خارج الدائرة الحقوقية والحريات العامة. وبدلاً من محاولة إلحاق غرفة التجارة بقانون من الأجدى تحرير جميع هيئات المجتمع المدني من تسلط قانون 24 لسنة 1964 فهو قانون قديم، لايتسق مع مبادئ الدستور، بل ويناقضها صراحة في بعض مواده التي تقيد حرية حركة هيئات المجتمع المدني وتعطي صلاحيات مطلقة للسلطة الإدارية ممثلة بوزير الشؤون.ويكفينا القول إن دراسة مقارنة حديثة حول واقع المجتمع المدني في ثلاث دول هي اليمن والبحرين والكويت جاءت الكويت فيها في المرتبة الأخيرة من حيث الحقوق المتاحة للمجتمع المدني. أما الآن وبعد صدور هذا الحكم التاريخي فإنه لم تعد هناك حاجة إلى وزارة الشؤون، وليعمل من يريد أن يعمل بموجب حكم المحكمة التاريخي، وهو الوضع الطبيعي لأي مجتمع حي حر.
أخر كلام
أبعد من الغرفة
08-03-2010