شكراً على الحنيَة 
يا وزارة الداخلية!

نشر في 09-07-2009
آخر تحديث 09-07-2009 | 00:01
 د. ساجد العبدلي أحمد مشاري الشمري، شخص من (البدون)، كان محتجزاً في سجن الإبعاد منذ 12 مايو 2004م من دون تهمة محددة، ومن دون محاكمة، ومن دون حكم! كان متروكاً هكذا، مجهول المصير، في حين كانت وزارة الداخلية الموقرة طوال المدة تستمع إلى مناشدات أهله وذويه وبعض الناشطين، وتتابع ما ينشر حوله، ولا تحرك ساكناً، ولم يكن واضحاً أن في نيتها أن تفعل، وبالأمس القريب، وهكذا فجأة دون تبرير، تماماً كما كان احتجازه طوال السنوات الماضية دون حكم قضاء ودون تبرير، أطلق سراح الرجل!

الحمد لله على السلامة، وألف مبروك لأهله وذويه، ولكن هل يفترض بنا أن نقول لوزارة الداخلية: شكراً لكم ما أرق مشاعركم؟! اعذروني فأنا شخصياً لا أستطيع أن أقول ذلك، فالرجل لم يكن مفقوداً في عرض البحر أو تائهاً في الصحراء والداخلية عاكفة على البحث عنه، فعثرت عليه بالأمس، حتى ننبري للإشادة بمن وجده، بل كان محتجزاً في سجن وزارة الداخلية نفسها دون حكم من القضاء، وبلا محاكمة أصلاً. كان واقعاً تحت ظلم وعدوان وامتهان لأبسط حقوقه كإنسان، ونأتي الآن لنقول شكراً لأن الظلم قد توقف! هذا غير مقبول! إنه موقف مساءلة، بل إنها مساءلة مستحقة منذ أمد بعيد، منذ تلك اللحظة التي تجاوز فيها سجن هذا الرجل المدة القانونية التي يحق لوزارة الداخلية احتجازه فيها على ذمة التحقيق، إن كان هناك من تحقيق قد تم أصلاً!

معالي وزير الداخلية، إن خروج هذا الرجل من السجن، وإن كان مصدر فرح وسعادة لأهله وذويه، إلا أنه مصدر حزن لنا جميعا ككويتيين، لأنه يطرح علينا سؤالاً ملحاً: وهو كم من المظلومين ممن هم على شاكلته لايزالون قابعين في سجون وزارة الداخلية دون محاكمة، فليس معقولاً أنها كانت حالة فردية؟!

إننا ككويتيين لا نرضى أن تمارس حكومتنا الظلم على الناس، لأننا عرفنا الظلم وعرفنا مرارة طعمه حين تجرعناه على يد الطاغية المقبور، ولا أظنك يا معالي الوزير ممن يرضون بالظلم أو يقبلون به، وقد التقيتك في يوم من الأيام في اجتماع على هامش قضية البدون، وخرجت منه لأعكس تفاؤلي بك شخصياً عبر مقال لعلك تذكره، وها أنا اليوم أسألك بالله أن تباشر بفتح هذا الملف المتخم الذي طال أمده، وأن تشرع في علاجه بمصداقية بعد هذه السنوات الطويلة من العبث والتسويف والمماطلة على يد مَن ليس المقام لذكرهم، فقد أُنهكت أجساد وتعبت أرواح آلاف من البشر الذين لا يعرفون مصيرهم، ولا يدرون بماذا سيأتي الغد، وليس أسوأ من مستقبل مجهول، وأنت ككويتي عاصر أزمة الاحتلال وتذوق طعم ضياع الأرض وفقدان الهوية تدرك معنى ذلك تماماً.

يحدوني الأمل ألا يكون حديثك لصحيفة «عكاظ» السعودية، وبشارتك بأن ملف البدون سيعالج قريباً، مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي وذر الرماد في العيون، وألا يكون قرارك بإخراج المظلوم أحمد مشاري الشمري مجرد خطوة سياسية يتيمة مبتورة ما جاءت إلا بهدف ترميم الصورة وإعادة ملء الرصيد الشعبي، على إثر الاستجواب الذي تم منذ أيام.

معالي وزير الداخلية توكل على الله وعالج هذه القضية وفقاً للعدالة والقانون، واثبت لنا أنك من تلك القلة القليلة الباقية ممن لا يستميتون لأجل منصب، ولا يخضعون للضغط على حساب مبادئهم، ويمتلكون الشجاعة للتصريح بما يستطيعون فعله وما ليس لهم به طاقة، ولا يحترفون أسلوب دغدغة المشاعر والرقص على جراحات الناس فليس أنجى من الصدق مهما استسهل القوم الكذب!

back to top