كلمة «الأسهم» التي تعني حصة الفرد في ملكية مشتركة ليس لها تفسير عندي أقرب من أن تكون مستمدة من عادة الاقتراع بالسهام «روليت الجاهلية»، حيث يمثل السهم الواحد «فيشا» تعادل قيمته ناقة أو ناقتين، ثم يبدأ مدير الكازينو دريد بن حلزة بقرع السهام في إناء خاص!

Ad

كان المحلل الاقتصادي الشهير يتحدث في التلفزيون عن «المرحلة العشوائية في سوق الأسهم»، الناس باعت بيوتها وسياراتها و»أخينا في الله» مازال يملك الوقت والمزاج كي يقول إن المسألة لا تعدو كونها «مرحلة عشوائية في سوق الأسهم»، أذكر أنني سمعته قبل خمس سنوات، وهو يقول إن التخطيط الذكي والعمل المدروس هو الذي مكن السوق السعودية من قيادة أسواق الشرق الأوسط!

يومها كان بإمكانك أن تشتري ناديا لليخوت بعد ساعتي عمل أمام شاشة الأسهم، وكانت أحاديث هذا المحلل المطعمة بقليل من الإنكليزية والمطهمة بكثير من الأرقام مثل العسل على القلب، وها هو يظهر علينا اليوم موجهاً اللوم للناس المساكين الذين باعوا ثيابهم، وأصبحوا يتجولون بملابسهم الداخلية، ويقول: إنهم سبب المرحلة العشوائية في سوق الأسهم!

ولأنني خسرت مبالغ تافهة في السوق لا يمكن أن تقارن بخسائر 20 مليون مواطن عشوائي- يتمنون جمعيهم أن يرجموا هذا المحلل بالقباقيب- فقد قررت أن أتقمص شخصية خبير لغوي «فالحكاية كلها كلام في كلام»، وأتمنى ألا يتسبب هذا التطفل اللغوي في إغضاب علماء اللغة الحقيقيين لأن هدفي من التقمص «العشوائي» هو محاولة فهم أسباب «المرحلة العشوائية في سوق الأسهم». فكلمة «مرحلة» هي في الأصل وحدة لقياس المسافة التي يمكن أن يقطعها البعير في يوم كامل، فحين نقول على سبيل المثال إن المسافة بين البصرة والأحساء أربع مراحل فإن ذلك يعني أن المسافة بين البلدين تستغرق أربعة أيام على ظهور الإبل.

أما كلمة «العشوائية» فقد جاءت من الناقة «العشواء» التي تعاني ألما في عينها فتخبط الأرض بأقدامها خبطا قويا، ومن ذلك قول زهير بن أبي سلمى: «رأيت المنايا خبط عشواء»، لذلك دائما ما تكون العشوائية مرتبطة بالتخبط، حيث يندر أن تجد شخصا متخبطا لا يتصرف بعشوائية والعكس الصحيح.

أما كلمة «سوق» فأظن أنها جاءت من سوق الإبل سوقا إلى مكان البيع والشراء، حيث لم تكن سيارات «التاكسي» متوافرة أيام الجاهلية، ولم يكن بإمكان أجدادنا القدماء في صحارى الجزيرة القاحلة أن يذهبوا إلى هذا المكان سيراً على الأقدام (إذا كانوا يمشونها كعابي فإن الكلمة جاءت من الساق).

أما كلمة «الأسهم» التي تعني حصة الفرد في ملكية مشتركة فليس لها تفسير عندي أقرب من أن تكون مستمدة من عادة الاقتراع بالسهام «روليت الجاهلية»، حيث يمثل السهم الواحد «فيشا» تعادل قيمته ناقة أو ناقتين، ثم يبدأ مدير الكازينو دريد بن حلزة بقرع السهام في إناء خاص! وإن صح هذا التفسير فإن العلاقة بين المقامرة وأسواق الأسهم تكون علاقة جينية.

وبناء على على هذا التحليل اللغوي «البعاريني» فإن الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها السيطرة على «المرحلة العشوائية في سوق الأسهم» هي طرد هذا المحلل الاقتصادي الذي «خرب بيتنا»... والاستعاضة عنه بخبير في مزاين الإبل، و... «ناقتي ياناقتي»!

* كاتب سعودي