37 مليار دينار على الأقل، أي ما يعادل 130,000,000,000 دولار أو أكثر، هو ما تنوي الحكومة صرفه خلال السنوات الأربع المقبلة لتنفيذ ما تطلق عليه "مجموعة مشاريع ضخمة" ورد ذكر بعضها في مشروع إطار الخطة التنموية، الذي وافق عليه مجلس الأمة بشكل سريع ومثير للاستغراب، رغم أنه ليس أكثر من إطار عام تعترف الحكومة علناً بعدم قدرتها على تنفيذ كل ما تضمنه من مشاريع.

Ad

والأغرب من ذلك أن قانون "الخطة" الذي أقر يعد بمنزلة مساهمة من الأعضاء في تغييب الدور الرقابي لمجلس الأمة على أعمال السلطة التنفيذية، إذ إن المادة السابعة منه تعطي الحق للحكومة في تغيير أهداف "الخطة" وزيادة ميزانية المشاريع من دون الرجوع إلى مجلس الأمة، وهو ما يعني أيضا إمكان أن تتعدى الميزانية مبلغ 37 مليار دينار الذي أعلنته الحكومة.

إذن نحن هنا أمام ميزانية مليارية شبه مفتوحة مدتها أربع سنوات يتولى التصرف فيها جهاز إداري حكومي بيروقراطي مترهل وغير مؤهل تحوم حوله الكثير من شبهات الفساد الإداري والمالي، وهو الأمر الذي يثير أكثر من علامة استفهام، خصوصاً أن هنالك غياباً شبه كامل لموضوع الشفافية في الجهاز الإداري الحكومي، وضعفاً في معايير قياس الأداء والمساءلة الإدارية.

وإذا ما أضفنا إلى ذلك عدم إقرار مجلس الأمة للقوانين والتشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد التي كان من المفترض أن يناقشها في ديسمبر الماضي، لكنها لسبب أو لآخر لم تناقش ولم تقر حتى الآن، فإن علامات الاستفهام تتحول إلى شكوك مشروعة تتعلق بالفساد بأشكاله كافة وبتعارض المصالح، وهي شكوك من غير الجائز إهمالها وعدم التصرف حيالها من قبل الحكومة وأعضاء مجلس الأمة سواء بسواء.

لذلك، وحتى لا يتهم أعضاء المجلس بالذات بأنهم مشاركون في عملية استنزاف المال العام  مع علمهم المسبق بذلك، وحتى لا يكون هنالك تعارضٌ في المصالح قد يطول أعضاء المجلس أنفسهم، فإن الأعضاء مطالبون الآن بالإسراع في إقرار القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد، وهي تحديدا "قانون مكافحة الفساد"، و"قانون الذمة المالية"، و"قانون تعارض المصالح"، و"قانون حماية المُبلّغين"، و"قانون حق الاطلاع على المعلومات"، مع تفعيل عملية مراقبة أعمال الحكومة للتأكد من تطبيقها لهذه القوانين المهمة بشكل صحيح وشفاف خلال السنوات الأربع للخطة ومساءلتها سياسياً إن لم تلتزم بذلك.

إن ضخامة الميزانية المرصودة للسنوات الأربع المقبلة (37 مليار دينار) التي قد تزيدها الحكومة- حسب المادة السابعة- في أي وقت، وعدم وجود قوانين وتشريعات تحد من عمليات الفساد المستشري في الجهاز الحكومي، يعنيان شيئاً واحداً هو تشجيع الفاسدين على ابتداع  طرق جديدة للاستمرار في نهب المال العام تحت دعاوى التنمية المزعومة!