ايران تتجسس علينا والعراق يشكونا في لندن

نشر في 05-05-2010
آخر تحديث 05-05-2010 | 00:01
 أحمد عيسى جميع حكومات العالم في تعاطيها مع ملفاتها الداخلية والخارجية، تسمي عدداً من المسؤولين ليكونوا وحدهم المخوَّلين بمتابعتها والتصريح حولها، بشكل رسمي أو غير رسمي، لكن ما يحدث في الكويت العكس، فتجد وزير الإسكان يتحدث عن النفط، ووزير الخارجية يصرح حول الكوادر المالية، ووزير الإعلام يفتتح مهرجاناً للصحة العامة.

حقق الزميل محمد الشرهان سبقاً صحافياً من الطراز الأول بكشفه مطلع الأسبوع عبر جريدة «القبس» خبر تفكيك الأجهزة الأمنية بالبلاد خلية تجسس تعمل لمصلحة الحرس الثوري الإيراني، لتنشغل منذ ذلك الوقت وكالات الأنباء العالمية والقنوات الفضائية ووسائل الإعلام المحلية بالخبر وتداعياته وانعكاساته.

الخبر ألقى بظلاله على المجتمع الكويتي، فانتظرنا تأكيداً أو نفياً، ليأتينا النفي من إيران ثم تزيده عبر سفارتها بالكويت باليوم التالي، ليقابله أول رد رسمي ظهيرة الأحد، وعبر بيان معد للناطق الرسمي للحكومة، بعد ضغوط نيابية وتصريحات إيرانية مضادة، فزاد من غموض الموقف، ولم ينفِ أو يؤكد، بل على العكس اتجه مباشرة إلى اتهام وسائل الإعلام بعدم تحري الدقة، وهذا بالمناسبة ثاني تصريح رسمي خلال أسبوع واحد من قيادي بالدولة يحمل فيه على وسائل الإعلام، بعد تصريح رئيس البرلمان جاسم الخرافي الأسبوع الماضي بأن «مشكلة الديمقراطية في الكويت ليست بالحكومة أو المجلس بل تكمن بوسائل الإعلام».

تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير محمد البصيري يوم الأحد، لم ينفِ وجود الشبكة، بل زاد اللبس بقوله إن «هناك معلومات محل تحقيق»، ثم يخلو بيان مجلس الوزراء من أي إشارة، فيطل علينا الناطق الرسمي في اليوم التالي، مؤكدا وجود «تحقيقات جارية في الأجهزة الأمنية المختلفة في الدولة وهي ليست وليدة الأمس إنما منذ فترة»، ما ذكرني بأسلوب الحملات الإعلامية المتمثلة بكشف معلومة جديدة كل يوم لتشويق الجمهور تدريجياً.

جميع حكومات العالم في تعاطيها مع ملفاتها الداخلية والخارجية، تسمي عدداً من المسؤولين ليكونوا وحدهم المخوَّلين بمتابعتها والتصريح حولها، بشكل رسمي أو غير رسمي، لكن ما يحدث في الكويت العكس، فتجد وزير الإسكان يتحدث عن النفط، ووزير الخارجية يصرح حول الكوادر المالية، ووزير الإعلام يفتتح مهرجاناً للصحة العامة، وحينما تحتاج إلى أي منهم للتعليق على موضوع مرتبط بصميم عمله إما أنه لا يرد وإما يتجاهل الموضوع، كما حدث مع قضية الخطوط الجوية العراقية في لندن التي لم نسمع أي رد فعل رسمي أو غيره حولها إلا بعد مضي أسبوع من الحادثة، وفي قضية الشبكة التي لم تعلن عنها وزارة الداخلية حتى الآن كونها الجهة المعنية.

الناطق الرسمي باسم الحكومة أدلى الأحد ببيان «أولي» ثم الاثنين ببيان «توضيحي» وأضاف لاحقاً أن «الحكومة لا يمكنها التعليق على أي خبر يرد في صحيفة أو قناة فضائية ما لم تكن هذه المعلومات وهذه المصادر رسمية وصادرة عن جهاتها المعنية»، ثم عاد وحمل وسائل الإعلام عدم تحريها الدقة، وهو ما أربكني جداً، فلم أفهم هل في ذلك نفي لخبر «القبس»، أم تعديل على تصريحه، أم تأكيد لما نشرته «القبس»، أم أن وسائل الإعلام تملك معلومات أكثر دقة من الحكومة ممثلة بالناطق الرسمي باسمها؟ وما هو المصدر الموثوق وغير الموثوق ومن هو الرسمي وغير الرسمي؟ وهل امتناع القياديين عن الرد أو التعليق بالإمكان الأخذ به كإجابة على السؤال كما هو الحال في الإعلام الغربي؟

وأنا أتابع ملاحظات الناطق الرسمي باسم الحكومة على وسائل الإعلام بعدم تحريها الدقة فيما تبث، تذكرت تصريح وزير الداخلية حول رجل الدين السعودي محمد العريفي من دخول البلاد، يناير الماضي، والذي تلخص داخل مجلس الأمة أمام الصحافيين في «بإمكانه دخول البلاد دون محاضرات» وبعدها بساعة عبر «كونا» بأنه «ممنوع من دخول البلاد نهائيا»، مع مطالبة الوزير لوسائل الإعلام تحري الدقة، وكذلك ما صدر عن وزارة المالية، في نوفمبر الماضي، حول «رغبة الكويت تأجيل إطلاق العملة الخليجية الموحدة بسبب عدم إتمامها ملفات هذا المشروع»، ثم تراجع الوزارة عن بيانها الذي سحبته بعد ذلك بساعتين بسبب ضعف الصياغة اللغوية، وتأكيدها لاحقا بأن «المشروع سيسهم في دعم اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي».

وبما أن الحديث عن إيران وشبكة الحرس الثوري وضرورة توخي الدقة بالنشر، سأتوقف عند خبر زيارة المرشد الأعلى الإيراني لرئيس مجلس الوزراء بمقر إقامته خلال زيارته الأخيرة إلى طهران، نوفمبر الماضي، والذي بثته «كونا» بعد مروره بالقنوات الرسمية البروتوكولية لمجلس الوزراء، ليعدل الخبر بعد ذلك بيومين فيصبح زيارة رئيس الحكومة الكويتية للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية بمقر إقامته، وهو ما أشارت إليه إحدى الصحف بأنه حدث تاريخي.

على الهامش:

على مجلس الوزراء العمل على تنظيم دورات متخصصة للقياديين، أسوة بالعالم المتحضر، تشمل فنون العلاقات العامة ولباقة الحديث ومهارات التعامل مع الجمهور ووسائل الإعلام، تفادياً لما نراه يوميا من مآس بالتعامل مع الإعلام ما يضعف الموقف الرسمي وينعكس سلباً على صورة الكويت.

back to top