أشار السقا إلى أن المشاريع الكبرى، التي تنوي الدولة القيام بها، ستنفذ أساسا من خلال القطاع الخاص، سواء كان ذلك بنفسه أو من خلال تحالفات خارجية مع شركات عالمية متخصصة، فالدولة ليست مقاولا، ولا توجد في الكويت شركات حكومية للمقاولات يمكنها الاضطلاع بمهام تنفيذ المشروعات الكبرى.

Ad

طالب وزير التجارة الاسبق هشام العتيبي بضرورة توفير الحكومة الدعم المالي للقطاع الخاص، حتى يتمكن من مسايرة خطة الحكومة التنموية.

وقال العتيبي إن قيام القطاع الخاص بتنفيذ المشاريع سيعمل على تفادي الكثير من الأوراق المستندية، إذ إن حرية القرار في القطاع الخاص اسهل بكثير منها في القطاع العام، فهو يوفر التسهيلات الضرورية عند تناوله لاي من المشاريع التنموية، اضافة الى انعدام البيروقراطية التي يتميز بها القطاع العام، والتي تؤدي الى تعطيل سير العمل في المشاريع التنموية، وآمل ان يتمكن القطاع الخاص من استقطاب الشباب الكويتيين ذوي الكفاءات والطموح للعمل في هذه المشاريع، إذ إنهم هم من سيستلمون الراية من الاجيال الحالية.

وأوضح ان الخطة التنموية محل المناقشة كبيرة وجيدة، ولذلك فهي في حاجة الى تجهيز القطاع الخاص للقيام بالمشاريع التي تتضمنها، ولذلك فعلى الدولة ان تفعّل الكثير من القوانين اللازمة والمساندة لانجاح الخطة التنموية، مشيرا في هذا الصدد الى انه يجب تفعيل قانون الاستثمار الاجنبي حتى نستطيع استقطاب اموال من الخارج للاستثمار في المشاريع التنموية التي سيتم اقرارها والعمل فيها.

من جهته، قال استاذ الاقتصاد في جامعة الكويت د. محمد السقا إن خطة التنمية تؤكد بشكل أساسي دور القطاع الخاص كمنتج وموظف لقوة العمل الوطنية، بمعنى آخر فإن الخطة الحالية هي أكثر الخطط التي وضعت اعتمادا على الدور الذي سوف يلعبه القطاع الخاص، بصفة خاصة بالنسبة إلى توظيف الداخلين الجدد إلى سوق العمل، ووفقا للخطة فإن الداخلين الجدد إلى سوق العمل من المواطنين سيتم تعيينهم أساسا في القطاع الخاص وليس في القطاع الحكومي الذي بلغت العمالة الوطنية فيه ذروتها، بحيث أصبحت التعيينات الجديدة تضاف أساسا إلى رصيد البطالة المقنعة في هذا القطاع.

وتساءل السقا: كيف يمكن أن يلعب القطاع الخاص دور الموظف الرئيسي لقوة العمل الوطنية في الكويت؟ مجيبا "لا بد أن يتم ذلك من خلال نمو هذا القطاع على النحو الذي يمكنه من القيام بخلق وظائف جديدة تكفي لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل، وهو ما يقتضى ضرورة إعادة التفكير في دور الدولة في الاقتصاد، ورفع هيمنتها على القطاعات الرئيسية فيه، وإتاحة الفرصة للقطاع الخاص للدخول كمنتج كفء وفعال في مجال السلع والخدمات الأساسية، كالإسكان والتعليم والصحة والنقل والمواصلات والكهرباء والماء... الخ، فمن المتفق عليه في كل دولة العالم أن الدولة كمنتج ومدير للموارد لا تتسم بالكفاءة، وأن الإدارة الخاصة للموارد يترتب عليها استغلال أفضل لتلك الموارد".

واشار السقا إلى ان المشاريع الكبرى التي تنوي الدولة القيام بها ستنفذ أساسا من خلال القطاع الخاص، سواء كان ذلك بنفسه أو من خلال تحالفات خارجية مع شركات عالمية متخصصة، فالدولة ليست مقاولا، ولا توجد في الكويت شركات حكومية للمقاولات يمكنها الاضطلاع بمهام تنفيذ المشروعات الكبرى التي تنوي الحكومة تنفيذها، والميزانيات الضخمة المرصودة لتنفيذ هذه المشروعات الكبرى سوف تمثل فرصة ذهبية للقطاع الخاص لكي يضطلع بدوره المأمول منه أن يلعبه في الاقتصاد الكويتي. وعلى أي حال سيحتاج القطاع الخاص إلى مساندة حكومية فعالة لكي يقوم بهذا الدور الحيوي في الاقتصاد، ولا أقصد بالمساندة الحكومية أن تقدم له الحكومة دعما ماديا، ولكن أن تسهل له مهمة القيام بهذا الدور المأمول أن يلعبه في الاقتصاد الكويتي، وأن تخلق له بيئة الأعمال المناسبة للقيام بهذا الدور، بصفة خاصة، ومن هذه التسهيلات:

- الدولة في حاجة إلى مراجعة القوانين الحالية التي تحد من انطلاق القطاع الخاص، وأداء دوره في القطاعات الحيوية في الاقتصاد الوطني، وعلى النحو الذي يلعبه القطاع الخاص في الاقتصادات الأخرى في العالم.

- الدولة في حاجة إلى ان تخفف من الإجراءات الروتينية والبيروقراطية المعطلة التي تجعل مناخ الأعمال في الكويت غير مناسب لمبادرات القطاع الخاص.

- الدولة في حاجة إلى تسهيل حصول القطاع الخاص على التمويل المناسب من الجهاز المصرفي، لتمويل قيامه بالمشروعات الكبرى من خلال ضمان الائتمان الذي يقدم لتمويل المشروعات الكبرى، وقد أحسن البنك المركزي صنعا أن يقوم حاليا بتسهيل مهمة حصول الشركات الوطنية على التمويل المناسب من البنوك.

- الدولة في حاجة إلى تسهيل حصول القطاع الخاص على التسهيلات الأخرى وبتكاليف مناسبة.

- الدولة في حاجة إلى رفع أيديها عن احتكار عنصر الأرض، وهو عنصر إنتاجي مهم، الأمر الذي جعل أسعار الأراضي في الكويت تقفز بسرعة الصاروخ، فكيف للقطاع الخاص أن ينمو في ظل هذا القيد الأساسي؟ لقد أصبحت الأراضي والمضاربة بها وعليها نشاطا أساسيا في ظل عدم دفع الدولة بكميات مناسبة منها. لا بد من الدفع بالمزيد من الأراضي وبتكاليف زهيدة لكي يتمكن القطاع الخاص من تنفيذ مبادراته وبتكاليف معقولة.

- الدولة في حاجة إلى محاربة الفساد والضرب، بيد من حديد، على أيدي الفساد في الجهاز الإداري، فالفساد كفيل بإجهاض أي مبادرات تنموية خاصة تسعى نحو النمو والانطلاق بالكويت نحو آفاق أفضل، والتقارير الدولية عن الفساد في الكويت تشير إلى تراجع أداء الكويت في مواجهة الفساد، والى ازدياد وضع الكويت على المستوى الدولي في مجال الفساد سوءا.  

على الصعيد نفسه، قال رجل الاعمال محمد علي النقي إن اول ما يأتي في سلم الاولويات بالنسبة إلى مصلحة القطاع الخاص لاطلاق المشاريع التنموية هو السماح للخبرات الاجنبية بالدخول جنبا الى جنب مع الشركات المحلية.

وبين النقي أن الشركات المحلية قد لا تملك البراعة ذاتها التي تملكها الشركات الاجنبية في بعض القطاعات، وهنا ليس من العيب او الخطأ الاستفادة من تلك الخبرات في تطوير وتنمية البلاد.

وقال إن الجدية التي تتعامل بها الجهات الحكومية في عملية الطرح بالنسبة إلى الخطة التنموية عموما، وما اشتملت عليه من مشاريع ضخمة فيما لو استمرت، ستؤتي ثمارها بكل جدية ايضا.

واضاف النقي ان على المصارف والمؤسسات المالية الكويتية ان تقدم المزيد من الدعم والمساعدة لكل الشركات سواء كانت شركات مقاولات او شركات استثمار في اي قطاع من القطاعات، لان نجاح هذه الاخيرة في نهاية المطاف نجاح لتلك المؤسسات المالية، وكذلك فإن نجاح هذه معها يعني نجاح الدورة الاقتصادية للبلاد على اختلاف قطاعاتها، ومنه فإن الهدف المنشود من الخطة التنموية الخمسية قد تحقق بصورة تخرج البلاد من ازمتها.

وبين ان تضافر جهود القطاع العام على اختلاف مؤسساته من دوائر رسمية وكسر للروتين والتسهيلات الممنوحة والشفافية في طرح المناقصات، مع القطاع الخاص ايضا على اختلاف مهامه من شركات مقاولات الى شركات استثمار الى مؤسسات مالية وشركات تمويل ومصارف، كل هذا من شأنه ان يعيد الحياة الى جسد الاقتصاد بكل قطاعاته، وهذا بالطبع يرجع بالخير العميم على سكان الكويت من مواطنين ووافدين.

من جانب آخر، وعلى صعيد تسهيل عمليات دخول مستثمرين اجانب الى جانب المستثمرين المحليين للعمل في السوق المحلي قال النقي إن الامر معقود على اتفاقات تتم بين الجانبين المحلي والاجنبي، وذلك بتحديد نسب لكلا الطرفين في عقود بعد ابرام العقد مع الجهات المعنية حول اي مشروع يتم طرحه. وبين ان الشفافية في عمليات الطرح للمشاريع الكبرى، التي تتجه الحكومة الى طرحها، من شأنها ان تعبد الطريق امام تلك المشاريع لتصل الى مرحلة الانجاز على يد القطاع الخاص بأسرع ما يمكن، لأن الهدف المباشر لدى هذا القطاع هو سرعة الانجاز للحصول على اكبر عائد في اقصر وقت.