كلمة•: الاعتداء على الساير قضية عامة يا سعادة الرئيس وسمو الرئيس
لم يسبق في تاريخ مجلس الأمة أن اعتدى نائب بالشتم والقذف على وزير، لكن لم يسبق أيضاً أن بقي اعتداء من هذا النوع في أي برلمان في العالم بلا إجراء أو عقاب أو كلام صريح يعطي المعتدى عليه بعض حقه مرفقاً باعتذار علني.في غياب أعراف تعالج هذا النوع من التطاول المقيت على وزير ذنبه الوحيد أنه أراد تطبيق القوانين، وفي غياب "مدوّنة سلوك" تضبط النزعات الغرائزية والتصرفات البدائية التي كادت تصل إلى حدود ضرب الوزير بمنفضة السجائر أو الاعتداء الجسدي المباشر عليه، فإنني أرى أن المسؤولية، وإن تضمنت شقاً قضائياً لا يحتمل جدالاً أو التباساً، فإنها سياسية في المقام الأول ويتحملها رئيس مجلس الأمة وسمو رئيس مجلس الوزراء.
فهل من المعقول يا سعادة الرئيس أن يجري في مجلس الأمة حدث من هذا القبيل من غير أن نسمع أنك بادرت إلى خطوات تتناسب مع حجم الحدث؟ فالوزير المعتدى عليه نائب في مجلسكم الكريم، والنائب "الفتوة" أراد كسر القانون والقفز على إجراءات لجان "العلاج بالخارج" لتمرير معاملة، وهذه مخالفة في حد ذاتها، فكيف وقد أرفقها بسلوك معيب تمثل بالكلام النابي والتهجم الذي لا يليق لا بنائب عن الشعب ولا بمواطن عادي؟سعادة الرئيس، لا يجوز التذرع بأن الحادثة وقعت في الاستراحة لا في قاعة عبدالله السالم، فالمجلس برمته تحت صلاحياتك، ومسؤوليتك تقتضي التصرف بما كان يمكن أن يفعله أي رئيس لمجلس نواب في أية دولة... ثم إنك يا سعادة الرئيس لا تتردد في الجلسات العادية في طرد مواطنين عاديين من مقاعد الضيوف إن بدر منهم استحسان لا تستسيغه أو استهجان مبالغ فيه. فغريب ألا نسمع منك أي تصريح في شأن الاعتداء السافر، وألا تدعو مكتب المجلس، على الأقل، لاجتماع يناقش الموضوع، ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم. أما أنت يا سمو الرئيس فالكل يعلم مقدار كبر قلبك ومساحة التسامح لديك، لكن ثقتنا بك وبأخلاقك تجعلنا نسأل: كيف لمجلس الوزراء أن يقبل الاستهانةَ بزميل وزير وشتمه بأقذع النعوت لمجرد أنه تمسك بالقوانين ثم شتم أبيه المرحوم العم مساعد الساير أحد رجال الكويت الكبار وصاحب الأيادي البيضاء المعروفة من «أهل الكويت»؟أليس حريّاً بكم يا سمو الرئيس أن تبادروا إلى رفع دعوى باسم مجلس الوزراء على النائب المعتدي ليفصل فيها القضاء؟ أليس ممكناً أن تعبروا عن استيائكم بالامتناع عن حضور الجلسات حتى يتخذ مجلس الأمة إجراء بحق مَنْ لا يستحق أن يكون ممثلاً فيه؟من المؤسف، يا سعادة الرئيس ويا سمو الرئيس، أن تسبق الجمعية الطبية مؤسستيكما إلى استنكار التعرض للنائب الوزير، ومن المؤسف أن يشعر المواطن الكويتي الذي يطالب بدولة القانون بأن مجلس الأمة ومجلس الوزراء لم يبادرا حتى الآن إلى نصرة القانون وقواعد السلوك والدفاع عن حقوق وزير يشهد الجميع له بالجهد والإنجاز والأخلاق.وللتذكير فقط، فإنني لا بد أن أشير إلى ما يعلمه الجميع، وهو أن الحصانة النيابية تمارس ضمن الأصول المتعارف عليها في كل البرلمانات، وليست رخصة للالتفاف على القوانين والتطاول على المواطنين والمسؤولين أو للتهرب من العقاب، وأعتقد أن الجرم الذي حصل أمس الأول في مجلس الأمة لا يمكن السكوت عنه ولا التخفيف من انعكاساته ولا "تهريب" الفعلة الشنيعة تحت عنوان "تبويس اللحى" أو تبادل الخدمات أو الاعتذار خلف الكواليس.اعتداء النائب على الوزير ليس مسألة خاصة لتُحل وراء الأبواب الموصدة أو ليسدل عليها الستار بلا إجراء. فالمشكلة حصلت بين شخصين لهما صفتان عامتان، ولذلك فإنها قضية حق عام ورأي عام ومَنْ أَوْلى من مجلس الأمة ومجلس الوزراء بالتصدي لقضية تعنيهما مباشرة وتعني كل الناس؟