أسطول الحرية قضية إنسانية

نشر في 04-06-2010
آخر تحديث 04-06-2010 | 00:01
الغليان العربي والإسلامي والدولي هو ردود أفعال مبدئية تحاكي وتوضح للإسرائيليين غضب الإنسانية وامتعاضها من هذه الفعلة، كما أن هذه المحاكاة لا بد أن تتحول إلى آليات فعلية مؤطرة ومستمرة تؤثر في مسار السياسة الإسرائيلية وفي تجاوزاتها الإنسانية المستمرة.
 د. عبدالله محمد الوتيد    مشهد آخر من مشاهد الغطرسة العسكرية الإسرائيلية، وفصل من فصول الكبر والغرور اليهودي على بقية أجناس وأعراق العالم:  فجر يوم الاثنين الموافق 31/ 5/ 2010، اقتحمت إسرائيل من خلال وحداتها الخاصة قافلة من السفن البحرية المحملة بأطنان من المساعدات الإنسانية لأبناء غزة المحاصرين من كل الجهات... طوق حدودي وأطواق سياسية واقتصادية طال مداها وزادت مآسيها.

وبعيداً عن المواقف السياسية التي شكلّت صنوف قضية الشعب الفلسطيني، وتلونت عليه مواقف العالمين العربي والإسلامي، ومن بعده الفضاء الدولي، فإن علينا أن ننظر إلى شعب غزة وسكانها وما يحدث لهم من المنظور الإنساني البحت.

 وقفة الإنسان مع أخيه الإنسان دون مصالح اقتصادية تحركه أو مبادرات سياسية تكون ركيزة لأعمالنا؛ موقف إنساني يستدعي تلاحم الإنسانية وتكاتفها، أليس هذا ما نشاهده في حوادث الطبيعة عندما تقسو على الإنسان من خلال البراكين والزلازل والأعاصير، أو الحوادث الإنسانية كقضايا التصفيات العرقية والإثنية كدارفور والبوسنة والهرسك وجنوب إفريقيا أو من خلال الأزمات الاقتصادية التي ألمت بأقطار إنسانية كالسودان والصومال وأخيراً اليونان.

تعاطفت الإنسانية مع أبنائها دون تمييز أو تفرقة، وانتفضت لإنسانيتها وآدميتها، فالظلم والقهر الإنسانيان لا تتقبلهما طبيعة البشر الخيرة ولا الفكر الإنساني السليم والواعي.

فمهما ابتعدت الإنسانية عن جوهرها النقي لابد أن تعي أن معدنها وفطرتها النقاء والخير لا الشقاء والشر، فالموقفان الرسمي والشعبي الكويتي لابد ألا يتأخرا عن مناصرة كل المواقف الإنسانية الأصيلة والخيرة، وببتعدا كل البعد عن التأطير السياسي لمواقف "حماس" الحالية من الصراع السياسي الفلسطيني أو مواقف منظمة التحرير الفلسطينية إبان الغزو العراقي الغاشم لصدام العراق.

على الشعب الكويتي أن يعرف أن الإنسانية بجميع أطيافها تنتهك حرماتها، فلم تصل إلى ما وصلت إليه من تردٍّ لنشاهد هذه الردة الإنسانية في تعامل الإسرائيليين مع بقية أبناء العالم، فمن قتلوا وجرحوا لم يكونوا فلسطينيين، ولكنهم بشر من جنسيات مختلفة أرادوا رفع ويلات الظلم والتعنت الإسرائيلي عن الإنسانية في المقام الأول، فهم دافعوا عن الإنسانية من خلال مساندتهم المتفانية عن أهل غزة.

الغليان العربي والإسلامي والدولي هو ردود أفعال مبدئية تحاكي وتوضح للإسرائيليين غضب الإنسانية وامتعاضها من هذه الفعلة، كما أن هذه المحاكاة لا بد أن تتحول إلى آليات فعلية مؤطرة ومستمرة تؤثر في مسار السياسة الإسرائيلية وفي تجاوزاتها الإنسانية المستمرة سواء على الشعب الفلسطيني أو شعوب المنطقة لتكون نموذجاً إنسانياً عالمياً تعطل كل وسائل الظلم والطغيان الإنسانيين.

ومن دون وجود آليات ووسائل واضحة البنيان والأركان توضح ضمن مواثيق وقوانين إنسانية تلزم البشرية جمعاء فإن إسرائيل لا محالة مستمرة في غيّها وطغيانها.

back to top